العلاقة مع غير المسلمين 5 -أهل الكتاب
يعتبر القرآن هو خاتمة الكتب السماوية إلى الأرض , ومن الواجب أن تكون هذه الرسالة عامة شاملة وتضع الخطوط الأساسية للعلاقة بين البشر إلى آخر الزمان , هنا نسلط الضوء على الخطوط الأساسية لهذه العلاقة بين كافة البشر بشتى أديانهمو نأخذ أهل الكتاب نموذجا
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
سورة المائدة
تأملات في الآيات
تحدثت الآيات عن مسلك بني إسرائيل و علاقتهم بالنبي محمد في المدينة فقالت
فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ
حذرت الآية بني إسرائيل من عواقب الكفر , و أن فيه ضلال عن سواء السبيل
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ
عاقب الله بني إسرائيل على نقضهم المواثيق بأن جعل قلوبهم قاسية
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ
وأحد أبشع و اشنع أعمالهم هو تحريف كلام الله عن معانيه و مقاصده
وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ
وتذكر الآية نسيانهم لما تم تذكيرهم به من أوامر ربانية و توجيهات دينية
وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ
و يخبر الله عن أن النبي يطلع بشكل دائم على خيانات منهم
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ
ومع كل ما سبق من شنائع و أفعال و خيانات و طعن و تحريف لكلام الله , أمر الله نبيه أن يعفو عنهم و يصفح
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
و يشجع الله نبيه على الإحسان في التعامل مع بني إسرائيل , مع كل ما يفعلونه
لا بد من التذكير بأن الآيات هذه هي من سورة المائدة , وهي آخر سورة نزلت على النبي و قبل وفاته بثلاثة أشهر في حجة الوداع , و لهذا التنبيه قيمته , حيث أنه من المقرر في الأصول , أن الدين و الشرائع تكونت وانتهت و اكتملت بنزول قوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم في هذه السورة
من ملاحظة التسلسل السابق فقد عدد الله ما فعله بنو إسرائيل وهو
الكفر , نقض الميثاق , تحريف الكلم عن مواضعه , نسيان أوامر الله و إهمالها , الخيانة
مع كل هذه المساوئ التي اقترفها بنو إسرائيل , طلب الله من نبيه أن يعفو عنهم و يصفح , لأن الله يحب المحسنين
لم يطلب الله من نبيه اتخاذ أي إجراء قتالي أو تأديبي ضد هؤلاء , مع أنه صرح بخيانتهم , و إنما ترك عقابهم وحسابهم إليه وحده