البعد الإنساني في القرآن 9
البعد الإنساني في القرآن 9
الحرية الدينية
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ﴿37﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿38﴾ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿39﴾ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴿40﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴿41﴾ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿42﴾ الزمر
تأملات في الآيات
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ
يخبر الله نبيه أن هداية البشر هي شأن إلهي, وعلى النبي أن يؤدي مهمته بالتبليغ فقط
.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ
يناقش النبي غير المؤمنين بدعوة التوحيد نقاشا هادئا, ويطرح عليهم أسئلة بسيطة تحرك ما قلوبهم وعقولهم
يسألهم عن الآلهة التي صنعوها بأيديهم وتعبدوا لها, هل تستطيع هذه الآلهة جلب الخير ونفي الضر عن صاحبها؟ إن هي إلا حجارة وأخشاب ورسوم صنعوها لا تملك لنفسها ضرا ولا تنفعا, وبالتالي لن تملك لغيرها نفعا ولا ضرا
.
قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ, مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
يخبر النبي هؤلاء المشركين أن يعملوا ما يستطيعون, وأن يسعوا جهدهم ويتسابقوا مع المؤمنين في العبادة
يوم القيامة سيتضح للجميع من هو المصيب في عبادته ومن هو المخطئ
لم يقل النبي لهؤلاء الناس أنهم ضالون مضلون وأنهم مخطئون فيما يعتقدونه, بل ترك الأمر معلقا وقال: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (يوم القيامة) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
يؤدبنا الله هنا بأدب الحوار مع المختلفين عنا في الأفكار والعبادات, ويعلمنا كيفية مناقشتهم
إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ
في نهاية هذا الحوار يؤكد الله على نبيه المهمة التي أوكله بها فيقول: لقد أنزلنا عليك الكتاب, وعليك تبليغ هذه الرسالة للناس جميعا, وعند هذا الحد تنتهي مهمتك, فمن اهتدى فقد نفع نفسه, ومن ضل فقد أتعب نفسه
وختام هذا المقطع هو قوله تعالى: وما أنت عليهم بوكيل, أي أنت لست بوكيلهم القانوني أو المحامي المدافع أو الشخص المسؤول عن تصرفاتهم
عليك يا محمد أن تؤدي مهمتك بالتبليغ, وما عدا ذلك – من هداية وضلال ومحاسبة الناس على معتقداتهم – فهو من اختصاص رب العالمين