لفظ ( الإسلام ) في القرآن 2

في القرآن آيات كثيرة تحذر رجال الدين من التلاعب بالنصوص الإلهية و حرفها عن معناها الذي أرادها الله , هنا محاولة لتصحيح بعض تحريفات رجال الدين لآيات القرآن عن معناها الحقيقي الذي أراده الله

ومن هذه الألفاظ التي تم تحريف معناها هو لفظ (الإسلام) , وهذه مقالة لتوضيح هذا اللبس في معنى هذه اللفظ

سورة آل عمران وهي مدنية

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
قال الطبري: الدين  في هذا الموضع: الطاعة والذّلة
وكذلك “ الإسلام „، وهو الانقياد بالتذلل والخشوع، والفعل منه: “ أسلم “ بمعنى: دخل في السلم
فتأويل قوله: “ إنّ الدّين عند الله الإسلام „: إنَّ الطاعةَ التي هي الطاعة عنده، الطاعةُ له، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذّلة، وانقيادُها له بالطاعة فيما أمر ونهى، وتذلُّلها له بذلك، من غير استكبار عليه، ولا انحراف عنه، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة

فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
قال الطبري : فقل: انقدت لله وحده بلساني وقلبي وجميع جوارحي
هل أفردتم التوحيد وأخلصتم العبادة والألوهة لرب العالمين، دون سائر الأنداد والأشراك التي تشركونها معه في عبادتكم إياهم وإقراركم بربوبيتهم

تأملات في الآيات

لفظ الدين في الآيات هنا لا يعني العقيدية الدينية المقابلة للأديان الأخرى من مسيحية و يهودية وغير ذلك , و إنما تعني كما صرح الطبري : الطاعة , أي أن الطاعة الحقيقية لله , ومنه قولنا : دانت الدولة الفلانية لنا , أي خضعت و أطاعت لنا, ولم يصرح الطبري في كل كلامه على أن لفظ الإسلام ومشتقاته هنا تتضمن الإيمان بالنبي محمد كرسول من عند الله , و الشيء الوحيد الذي عناه اللفظ هو توحيد الله و إخلاص العبودية له

لفظ الإسلام هنا لا يعني كذلك العقيدة الدينية التي تتضمن الإيمان بالنبي محمد و إقامة الصلوات الخمس و صوم رمضان و غير ذلك , و إنما تعني توحيد الله و إخلاص العبودية له و الانقياد له

من هذه الآيات السابقة نستطيع القول : أن لفظ إن الدين عند الله الإسلام تعني : إن الطاعة الحقيقية لله تكون بإخلاص العبودية له و توحيده و نفي الشركاء عنه

لا يوجد أي إشارة في هذه الآيات إلى أن دين الإسلام الحالي الذي يتضمن الإيمان بالنبي محمد و إقامة الصلوات الخمس و غير ذلك , هو الدين المفضل عند الله , أو أنه الدين الوحيد الذي لا يقبل الله إلا به , وكل من يستدل بهذه الآيات على أن دين الإسلام الحالي هو الدين المفضل عند الله , فإنه يقوم بتحريف كلام الله عن مقاصده و تأويله بتأويلات لا يقبلها القرآن , وهذا تأويل و تحريف خطير قد يودي بصاحبه إلى النار , حيث أن الله توعد في آيات كثيرة بعذاب أليم لمن يحرف كلام الله عن معناه و مقاصده التي أرادها