الاستهزاء بالدين – إيذاء النبي محمد عليه الصلاة و السلام 2

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

سورة الأحزاب

تأملات في الآيات

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا

هناك أناس يؤذون الله , بنسبة الأشياء السيئة له أو بألفاظ سيئة , وهناك أناس يؤذون رسول الله , بالتعرض لشخصه الكريم أو التعرض لحرماته أو تصويره بطريقة غير جيدة , كما حصل مع بعض المجلات العالمية

بعض الأشخاص يسيؤون أيضا لله و لرسوله , و ذلك عن طريق عرض الإسلام بطريقة سيئة جدا , تجعل الآخرين ينفرون منه و يسبون الله و الرسول و النبي وهذا الدين , وهؤلاء الأشخاص هم كذلك من جملة المقصودين

من يعرض الإسلام بطريقة سيئة هم ممن يؤذون رسول الله , و من الأفضل للمسلم أن يبتعد عن هذا الطريق , وهو محاولة توصيل الإسلام أو تبليغه , وهو لا يعلم منه إلا القشور . فهؤلاء خطر على أنفسهم أولا , لأنهم يدخلون في زمرة الذين يؤذون الله و رسوله
وهؤلاء خطر على الجماعة المسلمة, فأن تعرف من الإسلام بعض الأشياء وتجهل الكثير و تحاول التصدر لقضية الدعوة , فهذا مطب عظيم يقع فيه الكثير من المسلمين و يؤذي أكثر مما يفيد

من الملاحظ أن الله جعل عقوبة إيذاء الله و رسوله اللعن في الدنيا و الآخرة و العذاب الشديد

لم يرتب الله على إيذاء الله و رسوله أي عقوبة دنيوية أو حكم شرعي

الأحاديث التي تتحدث عن قتل شاتم الرسول هي أحاديث باطلة لا أصل لها , لأنها تعارض هذه الآيات , ولو كان إيذاء النبي يخرج من الدين و يترتب عليه عقوبة لذكرها الله هنا و أمر نبيه أن يطبقها

الله وحده هو المختص بعقوبة الناس الذين يؤذون رسول الله

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

يتوعد الله الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات و يتهددهم , و أن ما يفعلونه من أذى هو بهتان و إثم , ومن يقترف البهتان و الإثم فلا مكان له بين الصالحين

هنا تهديد عام بعدم إيذاء أي شخص مؤمن , بغض النظر عن التزامه الديني , إن كان ملتزما أو غير ذلك

بعض الإخوة يرى في إيذاء بعض المؤمنات لعدم التزامهم بالحجاب أمرا طبيعيا , وهذا يدخل في الإيذاء المنهي عنه , فالمرأة التي لم تلبس الحجاب لم تخرج من الإيمان , بل هي مؤمنة و التعرض لها فيه خطر عظيم .

بعض الإخوة كذلك لا يرى بأسا في إيذاء السكارى أو المدمنين أو المذنبين أو تاركي الشعائر الدينية , وهؤلاء كلهم داخلون في مسمى الإيمان , و التعرض لهؤلاء و إيذائهم فيه خطر عظيم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

لاحظنا في الآيات السابقة أن هناك حملة ممنهجة ضمن مجتمع المدينة المنورة تضمنت

إيذاء الله و رسوله

إيذاء المؤمنين و المؤمنات

و يجب أن نعلم أن هذا الإيذاء كان يحصل بشكل واسع في زمن النبي , ولقد وردت هنا ثلاث آيات تتكلم بشكل واضح عن حملة إيذاء ممنهجة

في كل زمان و مكان يوجد أناس لا يقيمون أي وزن للشعائر الدينية , حتى في زمن النبي محمد و في دولته و مدينته , و التشدد الموجود في الفقه الإسلامي و في الأحاديث المنسوبة للنبي حيال قضية الإيذاء هو تشدد ليس من الإسلام بأي شكل من الأشكال

الإسلام لا يحجر على الناس طريقة اعتقادهم و تفكيرهم و حتى التعبير عن آرائهم , حتى إن كانت ضد الدين , وكان فيها إيذاء لله و لرسوله و للمؤمنين و للدين

الإسلام لا يجبر أحدا على احترام الدين أو احترام الله و الرسول و القرآن وكل ما يتعلق بشعائر الإسلام , وكل ماهو موجود في كتب الفقه و الأحاديث مما يخالف الحرية المطلقة هنا في التعبيرعن الرأي, يعتبر باطل لا أصل له و ليس له أي صلة بالإسلام

إجبار الناس على احترام شعائر الدين و إظهار الشعائر الدينية و إخفاء ما غيرها هو شيء لا أصل له في الإسلام , و الأحاديث التي تتكلم عن ضرورة تغيير المنكرات و وجوب صبغ المجتمع ظاهريا بصبغة إسلامية , هي أحاديث قطعا باطلة وتخالف الإسلام , ففي زمن النبي و في دولته و في مدينته , كان هناك مستهزئون علنا , ولم يعاقب الله أحدا منهم في الدنيا ولم يأمر بعقوبته