القتال في القرآن 5

لماذا يقاتل المؤمن ؟

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴿87﴾ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴿88﴾ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿89﴾ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ﴿90﴾ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا

سورة النساء

نحاول هنا فهم كلام الله و الظروف التي نزلت فيها هذه الآيات , ومن معرفة سياق الآيات نستطيع فهم مراد الله و غاياته من هذه الآيات , و بالتالي نستطيع اسقاطها على حياتنا بشكل أفضل

.

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا

تشير الآيات لوجود خلاف و إشكال مع المنافقين , وهؤلاء المنافقين هم فئتين , لم يوضح الله لنا ماهيتهما

مع وجود إشكال مع المنافقين , فإن المؤمنين يرغبون بتجنب خوض قتال معهم و يريدون هدايتهم و الخير لهم

.

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

وصف الله هؤلاء المنافقين بأنهم كفار , و نصح المؤمنين أن لا يتخذوهم أولياء حتى يهاجروا , و قد كانت الهجرة إلى المدينة علامة على انتقال هؤلاء من صفوف الأعداء إلى صفوف المؤمنين

يريد المنافقون أن يضل المؤمنون و يعودوا لأديانهم , و يحاولون ذلك , وهذه الفتنة الحاصة بين المؤمنين و المنافقين سببها الرئيسي هي رغبة المنافقين بإجبار المؤمنين على ترك دينهم الجديد

إن رفض المنافقون ترك صفوف الأعداء و رفضوا الانتقال لصفوف المؤمنين , فعلى المؤمنين قتالهم

.

إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا

بعض المنافقون يريدون اجتناب القتال , ولا يريدون قتال أهلهم و لا يريدون قتال النبي و المؤمنين معه , فإن أثبتوا حسن نيتهم بتجنب القتال و الفتنة الحاصلة , فعلى المؤمنين تركهم و شأنهم

يحذر الله المؤمنين من عاقبة عدم ترك المنافقين الحياديين و شأنهم ,  و يخبرهم أن الله قادر على دفع هؤلاء المنافقين لقتال المؤمنين و ترجيح كفة المنافقين على المؤمنين

كل من اعتزل الفتنة و القتال الحاصل بين المؤمنين و المنافقين فهو بأمان و سلام ,بغض النظر عن  دينه و عقيدته

تظهر الآية بوضوح أن سبب القتال هو التعدي من قبل المنافقين على المؤمنين , وكل من اعتزل معسكر الأعداء و اعتزل الاعتداء على المؤمنين فهو بسلام , ولا يحق لأحد التدخل في اعتقادات الناس و أديانهم

.

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا

بعض هؤلاء المنافقين يريدون أيضا اعتزال الفتنة و القتال الحاصل بين المؤمنين و المنافقين , لكنهم يعودون و يغوصون في الفتنة و يشاركون قومهم بقتال المؤمنين , فهؤلاء إن لم يكونوا جادين باعتزال القتال و الفتنة فعلى المؤمنين اتخاذ إجراء صارم بحقهم

نتائج

لم يرد في كل الآيات السابقة أي إشارة , أن على المؤمنين إجبار الناس على دين و عقيدة معينة , و أن عليهم قتال الناس حتى يفرضوا دينا معينا عليهم

كل الإشارات في الآيات السابقة تشير لوجود فتنة بين المؤمنين و المنافقين , و القرآن يريد إنهاء هذه الفتنة بشتى الوسائل , و كل شخص حر بدينه و عقيدته و تفكيره

المطلوب كل المطلوب , هو كف الأذى و الاعتداء و ترك الناس و شأنهم

القتال في هذه الايات هو قتال لوقف الأذى و التعدي الواقع على المؤمنين

كل شخص يبتعد عن هذه الفتنة و القتال فهو بأمان بغض النظر عن دينه و اعتقاده