لفظ ( الإسلام ) في القرآن 3
يحتوي القرآن على معانيه في داخله , ولا يحتاج الباحث فيه إلا إلى التعمق فيه ليجد كل ما يريد , هنا نحاول ضبط لفظ الإسلام من داخل القرآن و فهم معناه
سورة آل عمران وهي مدنية
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)
وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
قال الطبري: أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
وله خَشع من في السموات والأرض، فخضع له بالعبودة، وأقرّ له بإفراد الربوبية، وانقاد له بإخلاص التوحيد والألوهية
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودة، مقرّون لهُ بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام ليدين به، فلن يقبل الله منه
انتهى كلام الطبري و تفسيره
قراءة في تفسير الطبري ومحاولة لفهم لفظ الإسلام
من مقارنة شرح لفظ الإسلام عند الطبري نجد ما يلي: مع العلم أنه في الآيات السابقة ورد لفظ الإسلام ومشتقاته أربع مرات
بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ : بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة
وَلَهُ أَسْلَمَ : فخضع له بالعبودة، وأقرّ له بإفراد الربوبية، وانقاد له بإخلاص التوحيد والألوهية
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودة، مقرّون لهُ بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا: ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام
حمل لفظ الإسلام في ثلاث مواضع حسب الطبري هذا المعنى: الخضوع بالعبودية و الإقرار بالألوهية والربوبية والانقياد بالطاعة
في المرة الرابعة صرح الطبري أن لفظ الإسلام هنا يحمل معنى الدين المقابل للأديان الأخرى , وليس معنى التوحيد و الخضوع
من مقارنة الموضع الرابع مع آية أخرى في نفس السورة و حسب الطبري أيضا نجد ما يلي
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ
قال الطبري: إنَّ الطاعةَ التي هي الطاعة عنده، الطاعةُ له، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذّلة، وانقيادُها له بالطاعة فيما أمر ونهى، وتذلُّلها له بذلك، من غير استكبار عليه، ولا انحراف عنه، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة
في هذا الموضع صرح الطبري أن لفظ الإسلام لا يخرج عن المعنى الأساسي له وهو الخضوع لله و توحيده والانقياد له
ومن الواضح أن الطبري أخطأ في هذا الموضع ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا: ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام) و تفسيره جانبه الصواب , لأن الإسلام حسب تفسيره وقوله في معظم القرآن لا يخرج عن هذا المعنى , ولا داعي أو لا يجب تحميله معنى آخر لا يحتمله
في المجمل: يحمل لفظ الإسلام في القرآن المعنى الذي صرح به الطبري في معظم تفسيره وهو: الخضوع بالعبودية و الإقرار بالألوهية والربوبية والانقياد بالطاعة
و لا يحمل معنى العقيدة الدينية التي تتضمن الإيمان بالنبي محمد و إقامة الصلوات الخمس و صوم رمضان و غيرها
وسنقوم بنشر عدة مواضع من القرآن لتوضيح هذا المعنى الملتبس للفظ الإسلام في القرآن الكريم , و إزالة الوهم و الغلط الذي علق به عبر الزمن