تسرب ماهو بشري إلى الإسلام , أدى إلى تخبط عظيم في المناهج الدينية عموما, فالنقص هو صفة بشرية , والكمال لله وحده,حديث تغيير المنكر , هل هو نبوي؟
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)
سورة المائدة
تكلمت الآيات عن الأوضاع العامة الموجودة في المدينة في زمن النبي , وحسب كتب السيرة و الحديث , فقد كان النبي حاكما عاما على المدينة , ومن المفترض أن يكون الأمر و النهي بيده , لكننا من ملاحظة الآيات نستطيع تلمس ما يلي
لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ
النبي هنا حزين لمسارعة البعض في الكفر , والله يسليه و يخفف عنه حرقته و حزنه
مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ
هؤلاء يقولون أنهم مؤمنون , لكنهم كاذبون
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ
هؤلاء يستمعون للكذب و الشائعات و يروجونها و يأكلون المال الحرام
المقاطع السابقة من الآيات الكريمة, تكلمت عن مخالفات دينية شنيعة تتضمن الكفر و النفاق العلني , و تحدثت عن مخالفات في التعاملات البشرية الحياتية
بالرجوع للآيات السابقة ومن ملاحظة الأوامر التي أمر الله بها نبيه في الآيات السابقة تجاه هذه المخالفات نجد ما يلي
وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ
يعاقب الله هؤلاء بأن يجعل حياتهم متخبطة وغير مستقرة والنبي لا يستطيع فعل شيء أمام إرادة الله
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ
عقوبة هؤلاء من الله ان يحرمهم لذة الهدوء و الاطمئنان النفسي , و يجعل قلوبهم قاسية
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
يقرر الله عقوبة هؤلاء بالعذاب في الدنيا و الآخرة
فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ
على النبي أن يتعامل مع هؤلاء بكل حيادية , وليس له أن يتخذ أي موقف عدائي تجاههم , نتيجة أفعالهم , فهو مبشر و نذير فقط , وليس حاكما أو جلادا
وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
يؤكد الله على نبيه أن يتعامل مع هؤلاء بكل حيادية بالرغم من كونهم أناسا سيئين
نستطيع استنتاج ما يلي من كل ما سبق
أولا: لقد جعل الله في كل الأوامر السابقة الأمر و العقوبة إليه وحده , وحصر مهمة النبي بالتبليغ و الإنذار و النصح , ولم يأمره باتخاذ أي إجراء تأديبي أو عقابي ضد هؤلاء
ثانيا: ليس للنبي مهمة أو صلاحية تغيير هذه المنكرات , و إنما عمله هو النصح فقط, ولو كانت مهمته تغيير المنكر لأمره الله بذلك
ثالثا: الأحاديث التي تتكلم عن أن النبي كان يغير المنكرات بيده , ولا يسمح بوجودها , إن كانت دينية أو دنيوية تتصادم مع هذه الآيات
رابعا: مهمة النبي أن يكون مبشرا و نذيرا وليس حاكما و صاحب سلطة , و يباشر الحكم بيده
من الآيات السابقة والتعليقات عليها , نستطيع الجزم أن حديث تغيير المنكر هو حديث باطل لا اصل له , لأنه يخالف و يصادم هذه الآيات