معنى لفظ ( الإسلام ) في القرآن 1

سورة البقرة

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

تأملات في الآيات

إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
قال الطبري : أَخْلِصْ لِي الْعِبَادَة , وَاخْضَعْ لِي بِالطَّاعَةِ
خَضَعْت بِالطَّاعَةِ , وَأَخْلَصْت بِالْعِبَادَةِ لِمَالِك جَمِيع الْخَلَائِق وَمُدَبِّرهَا دُون غَيْره

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
هنا ارتبط لفظ الإسلام أو تعدى الفعل أسلم بحرف الجر (أسلمت لرب) , وهذا يشير إلى حالة الإسلام والاستسلام لله , ولو كان المقصود الدين الذي أتى به النبي محمد لكان كافيا أن يقول (أسلمت) , وقد ورد في أحاديث كثيرة أن النبي يقول للشخص أسلم , فيجيب أسلمت , وفي رسالات النبي للملوك جاء فيها : أسلم تسلم , ولم يقل أسلم لله , وقد كان الشخص يقول عند إسلامه : أسلمت , ولو قال الداخل للإسلام أسلمت لله لكان لكلامه معنى آخر لا يعني الدخول في الدين المرسل به النبي محمد عليه السلام

الكلام هنا عن إبراهيم عليه السلام , ومخاطبة الله له , و أمره له أن يسلم لله , ومن غير المعقول أن يطلب الله من نبيه إبراهيم الدخول في دين الإسلام الذي أتى به النبي محمد , لأن النبي محمد جاء بعد ألف سنة أو أكثر من خليل الله إبراهيم

من المؤكد أن لفظ الإسلام هنا لا يحمل معنى دين الإسلام الذي أتى به النبي محمد عليه السلام

لفظ الإسلام هنا يحمل حالة الخضوع لله و الاستسلام له


 وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

تأملات في الآيات

قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
قال الطبري : وَنَحْنُ لَهُ خَاضِعُونَ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالطَّاعَة . انتهى كلامه

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

ارتبط لفظ الإسلام بحرف الجر (له) , وهي ملاحظة لم ينتبه لها الطبري وغيره , وهي تشير إلى حالة الإسلام لله تعالى , وحرف الجر (ل) أو (إلى) يرتبط مع فعل أسلم الذي يحمل معنى الاستسلام و الخضوع لله , ولا يأتي أبدا مع الفعل أسلم الذي يعني الدخول في دين الإسلام الذي جاء به النبي محمد

الكلام في الآيات السابقة عن إبراهيم و ذريته من الأنبياء عليهم السلام , وهم كلهم مؤمنون و أنبياء و صالحون , ووصية إبراهيم و يعقوب لبنيهما بأن يموتوا من المسلمين , لا يعني أنهم غير مؤمنين أو كفرة بالله , بل يأمرهم بحسن الاتصال بالله , و توقيره و تسليم الأمر له , وهو تأكيد على أن لفظ الإسلام هنا لا يحمل معنى الدين المقابل للكفر وعدم الإيمان , حاشاهم من ذلك

لا يمكن أن يحمل لفظ الإسلام هنا معنى الدين الذي أتى به النبي محمد عليه السلام

تفسير الطبري يطابق بشكل كبير المعنى المقصود للفظ الإسلام هنا

نستطيع القول أن اللفظ هنا يشير إلى حالة الإسلام والاستسلام لله و الخضوع له و ليس إلى دين الإسلام الذي جاء به النبي محمد عليه السلام

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

تأملات في الآيات

لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
قال الطبري : ونحنُ له خاضعون بالطاعة, مذعنون له بالعبودية. انتهى كلامه

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

ارتبط لفظ الإسلام بحرف الجر (له) وهو ما يشير إلى حالة الإسلام لله تعالى و الخضوع له

لا يمكن أن يحمل لفظ الإسلام هنا معنى الدين الذي أتى به النبي محمد , لأن الكلام هنا عن أنبياء جاؤوا قبل رسول الله بمئات السنين

تفسير الطبري يطابق بشكل كبير المعنى المراد و سياق اللفظ ضمن الآيات

نستطيع القول أن اللفظ هنا يشير إلى حالة الإسلام والاستسلام لله و الخضوع له و ليس إلى دين الإسلام الذي جاء به النبي محمد عليه السلام

من كل الآيات السابقة نستطيع القول

أن ارتباط لفظ أسلم بحرف الجر ل أو إلى , يشير إلى معنى الاستسلام لله و الخضوع له و عبادته
وأن عدم ارتباط الفعل أسلم بحروف الجر هذه يجعله يعني الدخول في دين الإسلام الذي جاء به النبي محمد عليه السلام

ورود لفظ أسلم ومشتقاته في سياق الحديث عن الأمم السابقة و الأنبياء السابقين , يشير بكل تأكيد إلى حالة الإسلام و الاستسلام لله , ولا يمكن أن يحمل بأي شكل من الأشكال الدخول في دين الإسلام الذي بعث به النبي محمد عليه السلام , ولا يحتاج هذا الأمر إلى توضيح , فلا يحتاج النبي السابق إلى الإيمان بالنبي الذي لم يولد بعده , ولن يولد إلا بعد مئات أو آلاف السنين

معنى لفظ ( الإسلام ) في القرآن 2

يكمن الجمال دوما في خلق الله , والكمال في صفات الله و كلامه و رسالاته , و أي محاولة للتجديد الديني لا تنطلق من مسلمة أساسية وهي : أن الكمال لله وحده , و الخلاص في أوامره و نواهيه التي وضعها في كتابه , فهي محاولة محكوم عليها بالفشل منذ البداية, لفظ الإسلام مثلا هو نموذج صارخ للتحريف المتعمد لجماله و عموميته و عالميته, ومحاولة قسره على معاني لا يحتملها

نحاول في هذه المقالات إعادة توضيح معنى هذا اللفظ

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
سورة البقرة

تأملات في الآيات

رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
قال الطبري : وَاجْعَلْنَا مُسْتَسْلِمَيْنِ لِأَمْرِك خَاضِعَيْنِ لِطَاعَتِك , لَا نُشْرِك مَعَك فِي الطَّاعَة أَحَدًا سِوَاك , وَلَا فِي الْعِبَادَة غَيْرك . وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْإِسْلَام الْخُضُوع لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
المتكلم و الداعي هنا هما إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام اثناء بنائهما للبيت

رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ
يلاحظ في كلا اللفظين أنهما ارتبطا بحرف الجر (لك) , وهي تشير و تؤكد إلى معنى الاستسلام لله و توحيده و الانقلاب إليه وحده , وهو ما شرحه ووضحه الطبري , لكن بدون أن ينتبه أو يؤكد على وجود حرف الجر

ورد لفظ الاسلام هنا مع أنبياء سابقين للنبي محمد و دعوته , و التصق كذلك بحرف الجر (لك) , وهو ما يؤكد أن اللفظ يعني إسلام الوجه لله

لا يحمل هنا لفظ الإسلام أي إشارة إلى دين الإسلام الذي يتضمن الإيمان بالنبي محمد و أركان الإسلام من صلاة وصيام و حج , فهذه العبادات نشأت مع دعوة النبي محمد عليه السلام , ولم تكن قبله , وليس من المعقول أو الممكن أن يكون إبراهيم و إسماعيل يقيمون الصلوات الخمس و يصومون رمضان

إن جعل لفظ الإسلام هنا حاملا لمعنى الدين الذي اتى به النبي محمد , ونقيضه حسب التعريف الفقهي هو الكفر و الأديان الباطلة الغير معترف بها من قبل المنظومة الدينية الرسمية , يجعل إبراهيم عليه السلام و ابنه كفرة , و يدعون الله أن يهديهم و يدخلهم إلى الإسلام , حاشاهم من ذلك

حالات الزهد و التقوى و الإحسان و غيرها هي حالات تحتاج إلى عمل دؤوب و عبادات كثيرة كي يصفو القلب و يتحقق الإنسان بهذه الحالات , ولذلك يدعو النبيين و الصالحين أن يوفقهم الله لتلك الحالات , وما فعله إبراهيم هنا لا يتعدى هذا المجال , من دعوة الله أن يهيئ له هذا المقام العالي المسمى الإسلام

كما ورد في كثير من الأحاديث الواردة عن النبي محمد عليه السلام حين كان يدعو الله أن يهديه إلى الصالح من العمل و المقامات من زهد و إحسان و غيرها

و كمال الإسلام لله تعالى , يكون بالتسليم الكامل له و عبادته مخلصا له الدين , وهو المعنى المراد من لفظ الإسلام في هذه الآيات الكريمة

نستطيع القول هنا و بكل تأكيد أن لفظ الإسلام هنا يشير إلى حالة الإسلام لله و ليس إلى دين الإسلام المتضمن الإيمان بالنبي محمد عليه السلام والقرآن الكريم

لفظ ( الإسلام ) في القرآن 3

يحتوي القرآن على معانيه في داخله , ولا يحتاج الباحث فيه إلا إلى التعمق فيه ليجد كل ما يريد , هنا نحاول ضبط لفظ الإسلام من داخل القرآن و فهم معناه

سورة آل عمران وهي مدنية

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)

وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
قال الطبري: أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة

أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
وله خَشع من في السموات والأرض، فخضع له بالعبودة، وأقرّ له بإفراد الربوبية، وانقاد له بإخلاص التوحيد والألوهية

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودة، مقرّون لهُ بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام ليدين به، فلن يقبل الله منه
انتهى كلام الطبري و تفسيره

قراءة في تفسير الطبري ومحاولة لفهم لفظ الإسلام

من مقارنة شرح لفظ الإسلام عند الطبري نجد ما يلي: مع العلم أنه في الآيات السابقة ورد لفظ الإسلام ومشتقاته أربع مرات

بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ : بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة، متذللون له بالعبودة

وَلَهُ أَسْلَمَ : فخضع له بالعبودة، وأقرّ له بإفراد الربوبية، وانقاد له بإخلاص التوحيد والألوهية

وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودة، مقرّون لهُ بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا: ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام

حمل لفظ الإسلام في ثلاث مواضع حسب الطبري هذا المعنى: الخضوع بالعبودية و الإقرار بالألوهية والربوبية والانقياد بالطاعة

في المرة الرابعة صرح الطبري أن لفظ الإسلام هنا يحمل معنى الدين المقابل للأديان الأخرى , وليس معنى التوحيد و الخضوع

من مقارنة الموضع الرابع مع آية أخرى في نفس السورة و حسب الطبري أيضا نجد ما يلي

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ
قال الطبري:  إنَّ الطاعةَ التي هي الطاعة عنده، الطاعةُ له، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذّلة، وانقيادُها له بالطاعة فيما أمر ونهى، وتذلُّلها له بذلك، من غير استكبار عليه، ولا انحراف عنه، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة

في هذا الموضع صرح الطبري أن لفظ الإسلام لا يخرج عن المعنى الأساسي له وهو الخضوع لله و توحيده والانقياد له

ومن الواضح أن الطبري أخطأ في هذا الموضع ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا: ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام) و تفسيره جانبه الصواب , لأن الإسلام حسب تفسيره وقوله في معظم القرآن لا يخرج عن هذا المعنى , ولا داعي أو لا يجب تحميله معنى آخر لا يحتمله

في المجمل: يحمل لفظ الإسلام في القرآن المعنى الذي صرح به الطبري في معظم تفسيره وهو: الخضوع بالعبودية و الإقرار بالألوهية والربوبية والانقياد بالطاعة

و لا يحمل معنى العقيدة الدينية التي تتضمن الإيمان بالنبي محمد و إقامة الصلوات الخمس و صوم رمضان و غيرها

وسنقوم بنشر عدة مواضع من القرآن لتوضيح هذا المعنى الملتبس للفظ الإسلام في القرآن الكريم , و إزالة الوهم و الغلط الذي علق به عبر الزمن