النساء في القرآن 2 – الحجاب

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)

سورة الأحزاب

تأملات في الآيات

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا

يحذر الله من الإساءة للذات الإلهية ومن الإساءة لشخص النبي محمد , و الإساءة هنا تحتمل كافة معاني الأذى

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينً

من يؤذي المؤمنين و المؤمنات بغير ذنب اقترفوه فقد أصاب إثما عظيما

من الواضح من الآيات السابقة وجود حملة ممنهجة للإساءة للذات الإلهية و لشخص النبي و نساء النبي و نساء المؤمنين

هذه الحملة تستهدف كل ماهو متعلق بالدين الجديد من قبل الآخرين

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

خلال هذه الحملة الممنهجة لإلحاق الأذى بكل ماهو إسلامي أمر الله نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن عليهن حتى يعرفن أنهن مؤمنات فلا يتعرض لهن الآخرون بالأذى
 ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ

نلاحظ أن الأمر بالحجاب جاء نتيجة ظرف طارئ لحق بالجماعة المؤمنة , و ليس قاعدة عامة يعمل بها في الأوقات الطبيعية

أرادت الآية حماية المؤمنات من الأذى الذي يلحق بالجماعة المؤمنة , وليس للحجاب أي غاية أخرى
  ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ

من خلال الآيات السابقة نستطيع استخلاص بعض النتائج

يجب على الجماعة المؤمنة اتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل حماية النساء المؤمنات في الأوقات الحرجة , بما في ذلك الأمر بالحجاب , إن كان هذا الأمر يحمي المؤمنات بطريقة ما من الأذى

الحجاب حالة طارئة وليس قاعدة عامة يجب على النساء الالتزام بها في الأوقات الطبيعية

حماية المؤمنات من الأذى هو الهدف الأساسي لفرض الحجاب عليهم في أوقات الطوارئ , ولو استطاعت الجماعة المؤمنة حماية النساء بطرق أخرى من مثل : قوانين صارمة تحمي النساء و تمنع إلحاق الأذى بهن , فهذا كاف

النساء اللواتي يضعن الحجاب و يتعرضن للأذى بسبب هذا الحجاب يعتبرن آثمات ومخالفات للقرآن الكريم , لأن الغاية السامية و الأساسية لرب العزة هو حماية النساء من الأذى بأي طريقة كانت , وليست الغاية اطلاقا ارتداء الحجاب

لم ترد أي إشارة من قريب أو بعيد لكون غاية الحجاب هو حماية المجتمع المؤمن من الفتنة و حماية الشباب من إثارة الغرائز و الشهوة , والذي يقول أن غاية الحجاب هو حماية الشباب المؤمن من ذلك فهو يخالف مراد الله علانية و يخشى عليه من عقاب الله

كل الأحاديث التي تتحدث عن كون الحجاب هو حماية للمجتمع المسلم من فتنة النساء هي أحاديث باطلة ومخالفة للقرآن الكريم , فغاية الحجاب هو حماية المرأة المؤمنة في حالات الطوارئ , وليست حماية غيرها

النساء في القرآن الكريم 1 – الاختلاط بين الرجال و النساء

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ

تأملات في الآيات

وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ
يرشد الله المؤمنين للطرق الصحيحة في التعامل مع النساء , و يخبرهم أنه لا إثم عليهم بالتعريض بالخطبة للنساء , كأن يقول الرجل للمرأة , إني أريد الزواج من امرأة توفي عنها زوجها حديثا
ولم تأمر الآية الرجال بوضع وسيط للتعريض بالخطبة للنساء, و إنما نسبت الفعل للرجال , ولو كانت مخاطبة الرجل للمرأة وتعريضه بالخطبة لها مباشرة بدون وسيط محرم , لأمرت الآية أن يكون التعريض عن طريق وسيط .
وقد ذكر الطبري في تفسيره 25 حديثا يشير إلى تعريض الرجل بالخطبة  للمرأة دون وسيط , ولم يرد بأي حديث الأمر بأن يكون ذلك عن طريق وسيط

عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا
نهى الله المؤمنين عن مواعدة النساء سرا إلا في حالة أن يكون الرجل يريد أن يقول للمرأة قولا معروفا , وهذا يشير بشكل واضح إلى جواز دخول الرجال على النساء و مخاطبتهن بالمعروف , حتى لو كن في العدة

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ
يحذر الله الرجال من التمادي مع النساء , و أن يكون الرجل حذرا فيما يضمره في نفسه , فالله يعلم ما في نفسه
و إذا كان التعريض بالخطبة يكون عن طريق وسيط من النساء , فما الداعي لتحذير الرجل من عدم التمادي ؟ فمهمة الوسيط من النساء هي نقل رسالة رغبة الرجل بالمرأة , والوسيط من النساء لن يتمادى مع امرأة , كأن تتغزل المرأة بامرأة مثلها , أو تحاول التحرش بها

الآية عموما هنا تشير إلى عدة قضايا من الجدير التركيز عليها

الأحكام الشرعية التي تمنع المرأة من الخروج من بيتها أو الاحتكاك بغيرها من الرجال أو استقبال الرجال الغرباء في بيتها , هي أحكام تخالف هذه الآية قطعا , وهي أحكام باطلة لأنها تخالف القرآن

قضية الفصل بين الجنسين و تحريم الاختلاط هي أحكام شرعية تخالف هذه الآيات قطعا

كل الأحاديث التي تتحدث عن تفاصيل العدة وتحريم استقبال المرأة للرجال الغرباء في بيتها أثناء العدة, هي أحكام تخالف هذه الآيات

كل الأحاديث التي تتحدث عن الفصل بين الجنسين , هي أحاديث باطلة قطعا لمخالفتها لهذه الآيات