البعد الإنساني في القرآن 11

البعد الإنساني في القرآن 11

الحرية الدينية

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿7﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ۖ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿8﴾ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿9﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿10﴾ الأحقاف

تأملات في الآيات

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ

يعبر الكفار عن آرائهم الدينية في المكان الذي نزلت فيه هذه الآيات بكل حرية, وينتقدون النبي ويقولون عن الحق الذي جاء به أنه سحر مبين

لا حدود للحرية الدينية في المجتمع الذي نزل فيه القرآن, ولا مكان للقمع والاضطهاد الديني

.

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ۖ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

يقول الكفار عن القرآن أنه كلام قد افتراه النبي محمد على الله, والله لم ينزل هذا القرآن

ببالغ الأدب والاحترام يرد النبي على هذا الاتهام: إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا, أي إن كنت قد افتريت هذا الكلام على الله, فسألقى جزائي يوم القيامة على هذا الافتراء

يعلم الله نبيه أدب الحوار مع الكفار فيأمره أن يقول: الله هو الحكم بيني وبينكم يوم القيامة, وهو أعلم بأعمالي وأعمالكم, وهو يعلم ما تفعلونه في سركم وعلنكم, فدعونا لا نتجادل كثيرا في هذا الأمر

ومع ذلك فقد ختمت الآية بهذه الجملة: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أي أن الله واسع المغفرة للجميع, حتى لمن اتهم النبي بالافتراء على الله ورفض الإيمان بدعوة النبي

.

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

يتابع النبي حواره مع المشركين فيقول: إن أنا إلا مرسل من الله ومهمتي هي تبليغ رسالة الله, ولست نبيا أو رسول متميزا عمن سبقني من الرسل

أنا لا أعلم ما سيفعله الله بي ولا بكم, انا لست بشرا مميزا عنكم, إنما أنا واحد منكم ومثلكم, لكني أختلف عنكم بشيء واحد وهو: ان الله قد أوحى إلي ببغض كلامه

مهمة النبي محمد هي فقط: وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

يتابع النبي حواره الرائع المشبع بالأدب والاحترام والتواضع فيقول: ماذا لو كان اتهامكم لي باطلا, وأن القرآن الذي أتيتكم به هو من عند الله حقا؟ ما هو موقفكم أمام الله

يسأل النبي محمد هؤلاء الكفار فيقول: ألا تقبلون بشهادة بني إسرائيل على ما أتيتكم به أنه الحق من عند الله

يجعل النبي من نفسه شخصا عاديا يمتلك فكرة ما ويقبل بشهادة بني إسرائيل على فكرته, ولم يخاطب هؤلاء الكفرة بعنجهية أو تكبر, مع أنه مؤيد من الله ومرسل من قبله

في هذه الآيات السابقة تظهر شخصية النبي العظيمة وأدبه الجم مع غير المؤمنين, وهذه الآيات يجب أن تكون نبراسا لنا وقدوة نحتذيها لمخاطبة غير المؤمنين

البعد الإنساني في القرآن 10

البعد الإنساني في القرآن 10

الحرية الدينية

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴿47﴾ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ ﴿48﴾ الشورى

تأملات في الآيات

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ

خاطب الله غير المؤمنين به بلفظ: استجيبوا لربكم, مع أنهم لا يؤمنون به, لكنه قد خلقهم ورزقهم من كل شيء ونسبهم لنفسه فقال: ربكم

الله رب كل شيء, ورب كل إنسان سواء آمن بالله أم كفر

يخوف الله غير المؤمنين به من العاقبة يوم القيامة, ولم يوجب عليهم أي عقوبة دنيوية على يد نبيه والمؤمنين

.

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ

يخاطب الله نبيه فيقول: إن مهمتك التبليغ لرسالتنا, فإن أعرضوا عنها فقد انتهت مهمتك عند هذا الحد

من آمن فليؤمن, ومن رفض فليرفض, ومهمة النبي التبليغ لرسالة الله فقط, والله وحده يحاسب الجميع يوم القيامة

نتائج

يعلمنا الله في هذه الآيات أدب الحوار مع غير المؤمنين بالله

مهمة النبي والمؤمنين على وجه هذه الأرض تبليغ رسالة الله فقط

الحرية الدينية مكفولة للجميع في القرآن, للمؤمن ولغير المؤمن, والحساب يكون القيامة

تظهر لنا هذه الآيات أن غير المؤمنين كانوا يناقشون أفكارهم بكل حرية في زمن النبي, ويعارضون النبي بأفكاره ويرفضونها, ولم يرد في القرآن أي حجر على حرية التعبير هذه

البعد الإنساني في القرآن 9

البعد الإنساني في القرآن 9

الحرية الدينية

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ﴿37﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿38﴾ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿39﴾ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴿40﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴿41﴾ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿42﴾ الزمر

تأملات في الآيات

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ

يخبر الله نبيه أن هداية البشر هي شأن إلهي, وعلى النبي أن يؤدي مهمته بالتبليغ فقط

.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ

يناقش النبي غير المؤمنين بدعوة التوحيد نقاشا هادئا, ويطرح عليهم أسئلة بسيطة تحرك ما قلوبهم وعقولهم

يسألهم عن الآلهة التي صنعوها بأيديهم وتعبدوا لها, هل تستطيع هذه الآلهة جلب الخير ونفي الضر عن صاحبها؟ إن هي إلا حجارة وأخشاب ورسوم صنعوها لا تملك لنفسها ضرا ولا تنفعا, وبالتالي لن تملك لغيرها نفعا ولا ضرا

.

قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ, مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ

يخبر النبي هؤلاء المشركين أن يعملوا ما يستطيعون, وأن يسعوا جهدهم ويتسابقوا مع المؤمنين في العبادة

يوم القيامة سيتضح للجميع من هو المصيب في عبادته ومن هو المخطئ

لم يقل النبي لهؤلاء الناس أنهم ضالون مضلون وأنهم مخطئون فيما يعتقدونه, بل ترك الأمر معلقا وقال: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (يوم القيامة) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ

يؤدبنا الله هنا بأدب الحوار مع المختلفين عنا في الأفكار والعبادات, ويعلمنا كيفية مناقشتهم

إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ

في نهاية هذا الحوار يؤكد الله على نبيه المهمة التي أوكله بها فيقول: لقد أنزلنا عليك الكتاب, وعليك تبليغ هذه الرسالة للناس جميعا, وعند هذا الحد تنتهي مهمتك, فمن اهتدى فقد نفع نفسه, ومن ضل فقد أتعب نفسه

وختام هذا المقطع هو قوله تعالى: وما أنت عليهم بوكيل, أي أنت لست بوكيلهم القانوني أو المحامي المدافع أو الشخص المسؤول عن تصرفاتهم

عليك يا محمد أن تؤدي مهمتك بالتبليغ, وما عدا ذلك – من هداية وضلال ومحاسبة الناس على معتقداتهم – فهو من اختصاص رب العالمين

البعد الإنساني في القرآن 8

البعد الإنساني في القرآن 8

التنوع الديني واحترام أتباع الديانات الأخرى

.

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴿22﴾ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿23﴾ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿24﴾ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿25﴾ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿26﴾ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ۖ كَلَّا ۚ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿27﴾ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿28﴾ سبأ

تأملات في الآيات

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ

يعلم الله نبيه كيفية الحوار مع الذين يعارضون فكرة توحيد الله ويصرون على الشرك به

يخبرهم الله ان ما يعبدونه من تماثيل وحجارة لا تملك شيئا, ولا تستطيع أن تفعل شيئا في هذا الكون

.

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

يسأل نبي الله هؤلاء المشركين بعض الأسئلة التي قد تحرك عقول هؤلاء عن بعض المظاهر الكونية

ثم يختم هذا الحوار معهم بكل أدب فيقول: أحدنا مخطئ والآخر مصيب, والله أعلم من هو المصيب منا

لم يختم النبي هذا الحوار مع المشركين بقسوة وعنف, بل انسحب بكل هدوء من هذا الحوار بعد أن ألقى بعض الأسئلة التي قد تحرك عقولهم وضمائرهم

.

قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ

ثم يكرر الانسحاب بكل أدب وحوار, فينسب الإجرام لنفسه فيقول: لا تسألون يوم القيامة عم فعلنا من جرائم, ولن نسأل كذلك عما تعملون من أعمال

لقد نسب الإجرام لنفسه وتأدب مع هؤلاء كامل الأدب ولم ينسب الإجرام لهم

الأدب في الحوار هو مطلب قرآني

.

قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ

ثم يكرر النبي نفس الفكرة لكن بشكل آخر, ويقول أن الله هو الذي سيحكم بين الجميع يوم القيامة

لا أحد في هذه الحياة الدنيا يستطيع الفصل بين ما هو حق وما هو باطل, لكن الله هو الذي يفعل ذلك يوم القيامة

.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

في نهاية هذا الحوار يوضح الله للناس مهمة النبي بكلام واضح تكرر عشرات المرات: محمد هو بشير ونذير للناس كافة

لا سلطة للنبي على أحد من الناس كي يحاسبه على أفكاره ومعتقداته, لكن مهمته تنحصر بتبيين الحق وشرحه للناس

البعد الإنساني في القرآن 5

البعد الإنساني في القرآن 5

الحرية الدينية

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿65﴾ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴿66﴾ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴿67﴾ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿68﴾ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿69﴾ الحج

تأملات في الآيات

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

يذكر الله عباده بنعمه التي أنعمها عليهم, وأنه قد خلق السماوات والأرض وأنه يدبر أمرهما

يخبرنا الله أنه رؤوف رحيم بالناس قاطبة, مؤمنهم وكافرهم, العابد والجاحد, ونعمه ورحمته تعم جميع البشر

.

وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ

يخبرنا الله أنه قد خلقنا وأوجدنا من العدم, ثم يميتنا ثم يحيينا يوم البعث, ومع ذلك, فهناك الكثير من الناس الذين ينكرون قدرة الله وتصرفه في الكون

.

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ

يخبرنا الله هنا: أنه هو الذي جعل لكل أمة منسكا ودينا وعبادات مختلفة

على النبي أن ينجز مهمته التي أوكلها الله إليه, وهي: الدعوة إلى الله

يأمر الله نبيه أن يثبت على ما هو عليه, ولا يستمع لتشويش الآخرين

.

وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ

يجادل هؤلاء الناس حول حقيقة التوحيد ودعوة النبي ورسالته, والله يأمر نبيه أن يعرض عن جدالهم ويوكل أمرهم إلى الله

لم يأمر الله نبيه باجتثاث هؤلاء أو التسفيه عليهم أو حجر حريتهم في التعبير عن أفكارهم الدينية

اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

يختلف الناس حول الأديان والعقائد والأفكار, وهذا شيء طبيعي في هذه الحياة الدنيا

يخبر الله نبيه وجميع الناس: أن يوم القيامة هو موعد الجميع للفصل بين ما هو صحيح وباطل من الأديان

على النبي أن يلتزم حدوده ويتأدب مع الله ولا يتدخل في موضوع الفصل بين الأديان

الله هو الوحيد القادر على الفصل بين الأديان والبشر, وعلى جميع الناس التزام حدودهم

.

نتائج

تعدد الأديان على وجه الأرض هي مشيئة الله

مهمة النبي على هذه الأرض هي النصح والتبليغ والإرشاد فقط

الفصل بين الناس وأيهم على حق ومن هو على باطل هي مهمة الله وحده, ولا يحق لأي شخص على وجه هذه البسيطة أن يفعل هذا

لم يرد في الآيات أي أمر أو طلب من الله لنبيه بأن يجتث هؤلاء المخالفين أو يحجر على حريتهم في التعبير عن آرائهم

يعلمنا القرآن طريقة التعامل مع هؤلاء المخالفين

البعد الإنساني في القرآن 4

البعد الإنساني في القرآن 4

الحرية الدينية

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴿57﴾ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿58﴾ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴿59﴾ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿60﴾ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿61﴾ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ ۖ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ﴿62﴾ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿63﴾ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿64﴾ النحل

تأملات في الآيات

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ

بعض الناس يجعلون لله بناتا, وفي المقابل يجعلون لأنفسهم الذكور

في الآية تقريع لهؤلاء, وأن الله ليس له ولد ولا بنت.

.

لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

في الآية توبيخ لهؤلاء الناس الذين ينسبون لله البنات

يخبرنا الله: أنه أجل وأعظم من أن يكون له ولد أو بنت

في الآية تعليم لنا كيف نتعامل مع الناس الذين يسيئون لرب العزة

لم يرد في الآية أي طلب بقتل هؤلاء أو طردهم أو إيقاع أي عقوبة بهم

.

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ

يخبرنا الله أنه لا يستعجل بعقاب الناس عندما يخطئون, وحتى لو كان خطأهم فيه إساءة مباشرة لله تعالى ونسب الأولاد له

.

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

يخبرنا الله أنه يرسل الرسل لكل الأمم ليكونوا على الهدى, لكن الشيطان يحارب أهل الهدى وأنبياء الله

سيكون هؤلاء من النادمين يوم القيامة على نسبتهم لله ما لا يجوز من ولد

.

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

يبين الله لنبيه محمد مهمته, ألا وهي التبيين والتوضيح

إجبار الناس على فكرة معينة أو عدم الإساءة لله تعالى ضمن المجتمع ليست من مهمات النبي

النبي مبين لتعليمات الله فقط, وهو هدى ورحمة للمؤمنين

.

نتائج

التفكير الديني الحر هو منهج واضح في القرآن

يعلمنا الله احترام الآراء الأخرى حتى لو كان فيها إساءة لرب العالمين

لا يريد الله لهذه الأرض أن تكون على دين واحد أو منهج واحد, فالتنوع في كل شيء هو سر جمال هذه الأرض

الله وحده هو الذي يحاسب الناس على أفكارهم ودينهم وكفرهم, ولا سلطة لأي شخص في هذه الأرض على شخص آخر في مجال التدين

ينهانا الله عن العنف لتغيير المنكرات المتعلقة بالدين, ويقر مبدأ واحدا هو: الحوار والنقاش

المجتمع الذي أسسه النبي محمد في المدينة المنورة 1

هل كان مجتمع المدينة المنورة في زمن النبي يلتزم الأوامر الإلهية فور نزولها كما تحدثنا السيرة النبوية

وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النور

عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) سورة المائدة

عن عمرَ بنِ الخطَّابِ أنَّه قال لمَّا نزل تحريمُ الخمرِ قال اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت هذه الآيةُ الَّتي في البقرةِ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه فقال اللَّهمَّ بيِّن لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت الآيةُ الَّتي في سورةِ النِّساءِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى فكان مُنادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أقام الصَّلاةَ نادَى ألَّا يقربَنَّ الصَّلاةَ سكرانُ فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه فقال اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت الآيةُ الَّتي في المائدةِ فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه فلمَّا بلغ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال عمرُ انتهَيْنا. رواه أبو داوود

عن أنس رضي الله عنه: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ يَومَ حُرِّمَتِ الخَمْرُ في بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ، وَما شَرَابُهُمْ إلَّا الفَضِيخُ: البُسْرُ وَالتَّمْرُ، فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي، فَقالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ، قالَ: فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ. رواه البخاري ومسلم

في هذين النموذجين نجد أن المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة كان مجتمعا نموذجيا ويمتثل للأوامر والنواهي التي تأتي من الله تعالى مباشرة ودون أي اعتراض

هكذا تصور الأحاديث المنسوبة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم حياة المسلمين في المدينة المنورة

لكن هل كان هذا هو الوضع العام في التعامل مع كافة الأوامر الإلهية, أم أن هذه الأحاديث تخالف الواقع بشكل كامل

نطرح هنا نموذج لتعامل المؤمنين مع أوامر الله الصادرة إليهم في باب موالاة الكفار , لنرى: هل تعاملوا مع أوامر موالاة الكفار ومحبتهم, كما تعاملوا مع الحجاب والخمر؟ أم كان لهم موقف آخر

لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. سورة آل عمران

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿118﴾ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. سورة آل عمران

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿٨٩﴾ سورة النساء

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴿١٣٩﴾ سورة النساء

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴿١٤٤﴾ سورة النساء

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥١﴾ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴿٥٦﴾ سورة المائدة

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٥٧﴾ سورة المائدة

تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴿٨٠﴾ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿٨١﴾ سورة المائدة

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٣﴾ سورة التوبة

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٤﴾ سورة المجادلة

لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٢٢﴾ سورة المجادلة

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١﴾ سورة الممتحنة

إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٩﴾ سورة الممتحنة

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴿١٣﴾ سورة الممتحنة

قمنا هنا بإيراد 14 آية من القرآن تثبت أن المؤمنين في زمن النبي كانوا لا يهتمون لأوامر الله تعالى في موضوع خطير مثل موضوع موالاة الكفار, وقد ظلوا يتولون الكفار لغاية وفاة النبي محمد, حيث يوجد لدينا آيات من سورة المائدة تنهى المؤمنين عن موالاة الكفار

ومن المعلوم أن سورة المائدة نزلت على النبي قبل وفاته بثلاثة أشهر

تثبت الآيات بدون شك أن الصورة النموذجية التي رسمتها الأحاديث المنسوبة للنبي محمد هي صورة غير حقيقية ولم تحدث بالفعل, وأن كل هذه الأحاديث هي أحاديث مكذوبة

السؤال الذي يتبادر إلى ذهن أي قارئ: لماذا التزم المؤمنون بقرار الحجاب والخمر مباشرة وخلال ثوان, وفي موضوع خطير مثل موضوع موالاة الكفار ومحبتهم لم يلتزموا نهائيا

لا شك أن المجتمع الذي نزل فيه القرآن هو مجتمع طبيعي جدا كاي مجتمع آخر, لكن مخيلة المحدثين الواسعة رسمت عالما لا وجود له إلا في عقولهم

النبي محمد في القرآن 1

هل كان النبي حاكما لدولة أم كان نبيا مبشرا ونذيرا

ماهي مهمة الأنبياء والرسل

قال تعالى

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٤٨﴾ الأنعام

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿٥٦﴾ الكهف

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٢١٣﴾ البقرة

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٦٥﴾ النساء

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٩﴾ المائدة

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴿١٣٠﴾ الأنعام

يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴿٢﴾ النحل

وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ﴿٥١﴾ الفرقان

وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ﴿٢٠٨﴾ الشعراء

وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ۖ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ﴿٤٤﴾ سبا

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴿٣٧﴾ فاطر

.

وقد ورد في مواضع كثيرة من القرآن هذا المعنى: أن الله يرسل الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين فقط , وقد اكتفينا بهذه الآيات , ومن أراد التتبع فالقرآن مليء بهذا المعنى

.

هل كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم استثناء؟ وكان ملكا أو حاكما أو قائد دولة إضافة لكونه مبشرا ونذيرا

.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ البقرة

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴿١١٩﴾ البقرة

يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٩﴾ المائدة

يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٤٥﴾ الأحزاب

وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ﴿19﴾ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ﴿20﴾ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴿21﴾ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴿22﴾ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ ﴿23﴾ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴿24﴾ فاطر

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿١٨٤﴾ الأعراف

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٢٨﴾ سبا

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٥٦﴾ الفرقان

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿١٠٥﴾ الإسراء

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١٨٨﴾ الأعراف

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿١٨٤﴾ الأعراف

فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴿١٤﴾ الليل

إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴿٤٥﴾ النازعات

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٢٦﴾ الملك

وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٥١﴾ الذاريات

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ الفتح

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴿٧﴾ الشورى

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴿١٨﴾ غافر

ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿1﴾ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴿2﴾ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴿3﴾ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿4﴾ ص

قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿65﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿66﴾ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿67﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿68﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأعلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿69﴾ إِنْ يوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿70﴾ ص

يس ﴿1﴾ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴿2﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿3﴾ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿4﴾ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿5﴾ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴿6﴾ يس

وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾ يس

إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾ يس

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴿69﴾ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧٠﴾ يس

.

والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا , وقد اكتفينا بهذا القدر لإبراز هذا المعنى

فالقرآن يحصر مهمة النبي محمد بمهمة واحدة لا غير , وهي: مبشر ونذير فقط

وقد ورد في مواضع عدة في القرآن هذا المعنى مع أداة الحصر (إلا) التي تعني ليس للنبي مهمة أخرى إلا هذه المهمة مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

نورد هنا بعض الآيات

.

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٤٨﴾ الأنعام

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿١٨٤﴾ الأعراف

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١٨٨﴾ الأعراف

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿١٠٥﴾ الإسراء

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ﴿٥٦﴾ الكهف

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٥٦﴾ الفرقان

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٢٨﴾ سبأ

.

وهذا المعنى منتشر في القرآن بكثافة وبألفاظ مختلفة, وسنورد هذا المعنى في مقالات قادمة بإذن الله ونتوسع فيه

ورود أدوار إضافية للنبي محمد في الأحاديث والسيرة واتخاذه دور الحاكم والملك والقاضي وغير ذلك ينافي ويناقض المهمة التي أرسلها الله به وحصرها فقال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

يجب مراجعة السيرة النبوية والأحاديث المنسوبة للنبي ومطابقتها مع القرآن في ضوء الرسالة والمهمة التي أرسل الله بها أنبياءه, فما تطابق مع هذه المهمة نعتبره صحيحا, وما خالف هذه المهمة يعتبر باطلا ومنسوبا للنبي كذبا وزورا