البعد الإنساني في القرآن 11

البعد الإنساني في القرآن 11

الحرية الدينية

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿7﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ۖ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿8﴾ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿9﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿10﴾ الأحقاف

تأملات في الآيات

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ

يعبر الكفار عن آرائهم الدينية في المكان الذي نزلت فيه هذه الآيات بكل حرية, وينتقدون النبي ويقولون عن الحق الذي جاء به أنه سحر مبين

لا حدود للحرية الدينية في المجتمع الذي نزل فيه القرآن, ولا مكان للقمع والاضطهاد الديني

.

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ۖ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

يقول الكفار عن القرآن أنه كلام قد افتراه النبي محمد على الله, والله لم ينزل هذا القرآن

ببالغ الأدب والاحترام يرد النبي على هذا الاتهام: إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا, أي إن كنت قد افتريت هذا الكلام على الله, فسألقى جزائي يوم القيامة على هذا الافتراء

يعلم الله نبيه أدب الحوار مع الكفار فيأمره أن يقول: الله هو الحكم بيني وبينكم يوم القيامة, وهو أعلم بأعمالي وأعمالكم, وهو يعلم ما تفعلونه في سركم وعلنكم, فدعونا لا نتجادل كثيرا في هذا الأمر

ومع ذلك فقد ختمت الآية بهذه الجملة: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أي أن الله واسع المغفرة للجميع, حتى لمن اتهم النبي بالافتراء على الله ورفض الإيمان بدعوة النبي

.

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

يتابع النبي حواره مع المشركين فيقول: إن أنا إلا مرسل من الله ومهمتي هي تبليغ رسالة الله, ولست نبيا أو رسول متميزا عمن سبقني من الرسل

أنا لا أعلم ما سيفعله الله بي ولا بكم, انا لست بشرا مميزا عنكم, إنما أنا واحد منكم ومثلكم, لكني أختلف عنكم بشيء واحد وهو: ان الله قد أوحى إلي ببغض كلامه

مهمة النبي محمد هي فقط: وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

يتابع النبي حواره الرائع المشبع بالأدب والاحترام والتواضع فيقول: ماذا لو كان اتهامكم لي باطلا, وأن القرآن الذي أتيتكم به هو من عند الله حقا؟ ما هو موقفكم أمام الله

يسأل النبي محمد هؤلاء الكفار فيقول: ألا تقبلون بشهادة بني إسرائيل على ما أتيتكم به أنه الحق من عند الله

يجعل النبي من نفسه شخصا عاديا يمتلك فكرة ما ويقبل بشهادة بني إسرائيل على فكرته, ولم يخاطب هؤلاء الكفرة بعنجهية أو تكبر, مع أنه مؤيد من الله ومرسل من قبله

في هذه الآيات السابقة تظهر شخصية النبي العظيمة وأدبه الجم مع غير المؤمنين, وهذه الآيات يجب أن تكون نبراسا لنا وقدوة نحتذيها لمخاطبة غير المؤمنين

البعد الإنساني في القرآن 10

البعد الإنساني في القرآن 10

الحرية الدينية

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴿47﴾ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ ﴿48﴾ الشورى

تأملات في الآيات

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ

خاطب الله غير المؤمنين به بلفظ: استجيبوا لربكم, مع أنهم لا يؤمنون به, لكنه قد خلقهم ورزقهم من كل شيء ونسبهم لنفسه فقال: ربكم

الله رب كل شيء, ورب كل إنسان سواء آمن بالله أم كفر

يخوف الله غير المؤمنين به من العاقبة يوم القيامة, ولم يوجب عليهم أي عقوبة دنيوية على يد نبيه والمؤمنين

.

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ

يخاطب الله نبيه فيقول: إن مهمتك التبليغ لرسالتنا, فإن أعرضوا عنها فقد انتهت مهمتك عند هذا الحد

من آمن فليؤمن, ومن رفض فليرفض, ومهمة النبي التبليغ لرسالة الله فقط, والله وحده يحاسب الجميع يوم القيامة

نتائج

يعلمنا الله في هذه الآيات أدب الحوار مع غير المؤمنين بالله

مهمة النبي والمؤمنين على وجه هذه الأرض تبليغ رسالة الله فقط

الحرية الدينية مكفولة للجميع في القرآن, للمؤمن ولغير المؤمن, والحساب يكون القيامة

تظهر لنا هذه الآيات أن غير المؤمنين كانوا يناقشون أفكارهم بكل حرية في زمن النبي, ويعارضون النبي بأفكاره ويرفضونها, ولم يرد في القرآن أي حجر على حرية التعبير هذه

البعد الإنساني في القرآن 9

البعد الإنساني في القرآن 9

الحرية الدينية

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ﴿37﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿38﴾ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿39﴾ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴿40﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴿41﴾ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿42﴾ الزمر

تأملات في الآيات

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ

يخبر الله نبيه أن هداية البشر هي شأن إلهي, وعلى النبي أن يؤدي مهمته بالتبليغ فقط

.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ

يناقش النبي غير المؤمنين بدعوة التوحيد نقاشا هادئا, ويطرح عليهم أسئلة بسيطة تحرك ما قلوبهم وعقولهم

يسألهم عن الآلهة التي صنعوها بأيديهم وتعبدوا لها, هل تستطيع هذه الآلهة جلب الخير ونفي الضر عن صاحبها؟ إن هي إلا حجارة وأخشاب ورسوم صنعوها لا تملك لنفسها ضرا ولا تنفعا, وبالتالي لن تملك لغيرها نفعا ولا ضرا

.

قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ, مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ

يخبر النبي هؤلاء المشركين أن يعملوا ما يستطيعون, وأن يسعوا جهدهم ويتسابقوا مع المؤمنين في العبادة

يوم القيامة سيتضح للجميع من هو المصيب في عبادته ومن هو المخطئ

لم يقل النبي لهؤلاء الناس أنهم ضالون مضلون وأنهم مخطئون فيما يعتقدونه, بل ترك الأمر معلقا وقال: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (يوم القيامة) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ

يؤدبنا الله هنا بأدب الحوار مع المختلفين عنا في الأفكار والعبادات, ويعلمنا كيفية مناقشتهم

إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ

في نهاية هذا الحوار يؤكد الله على نبيه المهمة التي أوكله بها فيقول: لقد أنزلنا عليك الكتاب, وعليك تبليغ هذه الرسالة للناس جميعا, وعند هذا الحد تنتهي مهمتك, فمن اهتدى فقد نفع نفسه, ومن ضل فقد أتعب نفسه

وختام هذا المقطع هو قوله تعالى: وما أنت عليهم بوكيل, أي أنت لست بوكيلهم القانوني أو المحامي المدافع أو الشخص المسؤول عن تصرفاتهم

عليك يا محمد أن تؤدي مهمتك بالتبليغ, وما عدا ذلك – من هداية وضلال ومحاسبة الناس على معتقداتهم – فهو من اختصاص رب العالمين

البعد الإنساني في القرآن 8

البعد الإنساني في القرآن 8

التنوع الديني واحترام أتباع الديانات الأخرى

.

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴿22﴾ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿23﴾ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿24﴾ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿25﴾ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿26﴾ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ۖ كَلَّا ۚ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿27﴾ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿28﴾ سبأ

تأملات في الآيات

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ

يعلم الله نبيه كيفية الحوار مع الذين يعارضون فكرة توحيد الله ويصرون على الشرك به

يخبرهم الله ان ما يعبدونه من تماثيل وحجارة لا تملك شيئا, ولا تستطيع أن تفعل شيئا في هذا الكون

.

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

يسأل نبي الله هؤلاء المشركين بعض الأسئلة التي قد تحرك عقول هؤلاء عن بعض المظاهر الكونية

ثم يختم هذا الحوار معهم بكل أدب فيقول: أحدنا مخطئ والآخر مصيب, والله أعلم من هو المصيب منا

لم يختم النبي هذا الحوار مع المشركين بقسوة وعنف, بل انسحب بكل هدوء من هذا الحوار بعد أن ألقى بعض الأسئلة التي قد تحرك عقولهم وضمائرهم

.

قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ

ثم يكرر الانسحاب بكل أدب وحوار, فينسب الإجرام لنفسه فيقول: لا تسألون يوم القيامة عم فعلنا من جرائم, ولن نسأل كذلك عما تعملون من أعمال

لقد نسب الإجرام لنفسه وتأدب مع هؤلاء كامل الأدب ولم ينسب الإجرام لهم

الأدب في الحوار هو مطلب قرآني

.

قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ

ثم يكرر النبي نفس الفكرة لكن بشكل آخر, ويقول أن الله هو الذي سيحكم بين الجميع يوم القيامة

لا أحد في هذه الحياة الدنيا يستطيع الفصل بين ما هو حق وما هو باطل, لكن الله هو الذي يفعل ذلك يوم القيامة

.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

في نهاية هذا الحوار يوضح الله للناس مهمة النبي بكلام واضح تكرر عشرات المرات: محمد هو بشير ونذير للناس كافة

لا سلطة للنبي على أحد من الناس كي يحاسبه على أفكاره ومعتقداته, لكن مهمته تنحصر بتبيين الحق وشرحه للناس

البعد الإنساني في القرآن 7

الحرية الدينية والتنوع الديني والحفاظ على الجماعات الدينية

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴿39﴾ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿40﴾ الحج

تأملات في الآيات

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ

يخبرنا الله هنا عن الاضطهاد الديني الذي تتعرض له بعض الفئات من الناس نتيجة تبنيهم فكرة دينية معينة

 لم يسم الله لنا هذه الفئة التي تعرضت لهذا الاضطهاد الديني, لكن بقية الآية تخبرنا الكثير

وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ

يريد الله لهذه الأرض ما هو خير لها, والتنوع الديني هو الخير الذي يريده الله

وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ: التنافس والتوازن الدولي والعشائري والديني هي سنن وضعها الله في الأرض لحماية هذا التنوع

لولا هذا التوازن الدقيق الذي وضعه الله على هذه الأرض لانمحت الكثير من الجماعات الدينية

يريد الله حماية هذا التنوع الديني والحفاظ على المنشآت الدينية وحماية الجماعات الدينية وأتباعها

أخبرنا الله أن كنائس المسيحيين ومعابد اليهود وصوامع الرهبان المسيحيين وغيرها من الأماكن يذكر فيها اسم الله كثيرا, وليس كما يروج البعض بأنها أماكن يعصى الله فيها

لو كانت هذه الديانات المختلفة باطلة ولا يجب اتباعها, لم أخبرنا الله أن أتباعها يذكرون الله كثيرا

.

وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

ينصر الله من ينصره فقط, بغض النظر عن دينه وطائفته

سنخصص في المستقبل مقالات منفصلة لتوضيح مفهوم نصرة الله

البعد الإنساني في القرآن 6

البعد الإنساني في القرآن 6

الحرية والتنوع الديني

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴿34﴾ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿35﴾ الحج

تأملات في الآيات

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ

يخبرنا الله أنه قد جعل لكل أمة من الأمم مكانا للعبادة, وعبادة تختلف عن عبادة الأمم الأخرى

على جميع الأمم أن يذكروا اسم الله على النعم التي أنعمها عليهم

الله هو رب الجميع ولو اختلفت طرق العبادة

على الجميع أن يسلم أمره لله ويخلص له ولا يشرط به غيره

اختلاف طرق العبادة لا يعني أن إحدى الأمم على خطا, فمشيئة الله اقتضت لهذه الأرض أن تعيش التنوع والحرية الدينية

فله أسلموا: تعني أن يسلموا أمرهم لله تعالى لا يشركوا به أحدا, ولا تعني دين الإسلام

.

الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ

أي أمة من الأمم ذكرت الله وخشعت لله وصبرت على ما أصابها, وأقامت الصلاة على كافة أحوالها وأنفقت في سبيل الله, هي من الأمم الناجية أيا كانت طريقة عبادتها

.

نتائج

الاختلاف الديني هي مشيئة الله تعالى لهذه الأرض

اختلاف طرق العبادة ليس له أي تأثير على العلاقة مع الله, طالما أن الناس يبتغون التقرب من الله

لا مكان في القرآن للعنف المرتبط بالدين, فالتنوع في طرق التواصل مع الله هو الأصل, وتوحيد العبادات وشكلها ورسمها هو شيء لم يسع إليه القرآن

على جميع الأمم بشتى أديانهم وعباداتهم وأفكارهم السعي لمرضاة الله, بطرقهم المختلفة للصلاة والعبادات والإنفاق في سبيل وعمل الخير

البعد الإنساني في القرآن 5

البعد الإنساني في القرآن 5

الحرية الدينية

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿65﴾ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴿66﴾ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴿67﴾ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿68﴾ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿69﴾ الحج

تأملات في الآيات

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

يذكر الله عباده بنعمه التي أنعمها عليهم, وأنه قد خلق السماوات والأرض وأنه يدبر أمرهما

يخبرنا الله أنه رؤوف رحيم بالناس قاطبة, مؤمنهم وكافرهم, العابد والجاحد, ونعمه ورحمته تعم جميع البشر

.

وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ

يخبرنا الله أنه قد خلقنا وأوجدنا من العدم, ثم يميتنا ثم يحيينا يوم البعث, ومع ذلك, فهناك الكثير من الناس الذين ينكرون قدرة الله وتصرفه في الكون

.

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ

يخبرنا الله هنا: أنه هو الذي جعل لكل أمة منسكا ودينا وعبادات مختلفة

على النبي أن ينجز مهمته التي أوكلها الله إليه, وهي: الدعوة إلى الله

يأمر الله نبيه أن يثبت على ما هو عليه, ولا يستمع لتشويش الآخرين

.

وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ

يجادل هؤلاء الناس حول حقيقة التوحيد ودعوة النبي ورسالته, والله يأمر نبيه أن يعرض عن جدالهم ويوكل أمرهم إلى الله

لم يأمر الله نبيه باجتثاث هؤلاء أو التسفيه عليهم أو حجر حريتهم في التعبير عن أفكارهم الدينية

اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

يختلف الناس حول الأديان والعقائد والأفكار, وهذا شيء طبيعي في هذه الحياة الدنيا

يخبر الله نبيه وجميع الناس: أن يوم القيامة هو موعد الجميع للفصل بين ما هو صحيح وباطل من الأديان

على النبي أن يلتزم حدوده ويتأدب مع الله ولا يتدخل في موضوع الفصل بين الأديان

الله هو الوحيد القادر على الفصل بين الأديان والبشر, وعلى جميع الناس التزام حدودهم

.

نتائج

تعدد الأديان على وجه الأرض هي مشيئة الله

مهمة النبي على هذه الأرض هي النصح والتبليغ والإرشاد فقط

الفصل بين الناس وأيهم على حق ومن هو على باطل هي مهمة الله وحده, ولا يحق لأي شخص على وجه هذه البسيطة أن يفعل هذا

لم يرد في الآيات أي أمر أو طلب من الله لنبيه بأن يجتث هؤلاء المخالفين أو يحجر على حريتهم في التعبير عن آرائهم

يعلمنا القرآن طريقة التعامل مع هؤلاء المخالفين

البعد الإنساني في القرآن 4

البعد الإنساني في القرآن 4

الحرية الدينية

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴿57﴾ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿58﴾ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴿59﴾ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿60﴾ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿61﴾ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ ۖ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ﴿62﴾ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿63﴾ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿64﴾ النحل

تأملات في الآيات

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ

بعض الناس يجعلون لله بناتا, وفي المقابل يجعلون لأنفسهم الذكور

في الآية تقريع لهؤلاء, وأن الله ليس له ولد ولا بنت.

.

لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

في الآية توبيخ لهؤلاء الناس الذين ينسبون لله البنات

يخبرنا الله: أنه أجل وأعظم من أن يكون له ولد أو بنت

في الآية تعليم لنا كيف نتعامل مع الناس الذين يسيئون لرب العزة

لم يرد في الآية أي طلب بقتل هؤلاء أو طردهم أو إيقاع أي عقوبة بهم

.

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ

يخبرنا الله أنه لا يستعجل بعقاب الناس عندما يخطئون, وحتى لو كان خطأهم فيه إساءة مباشرة لله تعالى ونسب الأولاد له

.

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

يخبرنا الله أنه يرسل الرسل لكل الأمم ليكونوا على الهدى, لكن الشيطان يحارب أهل الهدى وأنبياء الله

سيكون هؤلاء من النادمين يوم القيامة على نسبتهم لله ما لا يجوز من ولد

.

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

يبين الله لنبيه محمد مهمته, ألا وهي التبيين والتوضيح

إجبار الناس على فكرة معينة أو عدم الإساءة لله تعالى ضمن المجتمع ليست من مهمات النبي

النبي مبين لتعليمات الله فقط, وهو هدى ورحمة للمؤمنين

.

نتائج

التفكير الديني الحر هو منهج واضح في القرآن

يعلمنا الله احترام الآراء الأخرى حتى لو كان فيها إساءة لرب العالمين

لا يريد الله لهذه الأرض أن تكون على دين واحد أو منهج واحد, فالتنوع في كل شيء هو سر جمال هذه الأرض

الله وحده هو الذي يحاسب الناس على أفكارهم ودينهم وكفرهم, ولا سلطة لأي شخص في هذه الأرض على شخص آخر في مجال التدين

ينهانا الله عن العنف لتغيير المنكرات المتعلقة بالدين, ويقر مبدأ واحدا هو: الحوار والنقاش

الجانب الإنساني في القرآن 3

البعد الإنساني في القرآن 3

الحرية الدينية

.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿17﴾ الحج

تأملات في الآيات

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

المؤمنون هم فرقة من فرق كثيرة موجودة على هذه الأرض

قرن الله المؤمنين في هذه الآيات مع غيرهم من الفرق, وجعلهم فرقة من الفرق لا فضل لها على غيرها, وأن الجميع هم عباد لله

الله يفصل بين جميع هذه الفرق يوم القيامة, ولا يحق لأحد في هذه الحياة الدنيا الفصل بين هذه الأديان

حتى المشركين بالله اعتبرهم الله فرقة من الفرق وأرجع أمرهم لله تعالى وحده

على المؤمنين التزام حدودهم ومعرفة أن الحكم والفصل بين الفرق وأيها أفضل عند الله هو من اختصاص الله تعالى وحده يوم القيامة

يقرر الله في هذه الآيات مبادئ الاحترام المتبادل بين الأديان كافة حتى المشركين بالله, وأنه على المؤمنين احترام هذا التنوع, وترك محاسبة الناس على أديانها لله تعالى وحده

المؤمنون الذين يعتبرون أنفسهم فرقة فوق الفرق هم مخالفون لهذه الآيات, فالمؤمنون حسب هذه الآيات هم فئة من خلق الله, لا فضل لها على غيرها

التنوع الديني مشيئة إلهية على هذه الأرض, وعلى المؤمنين احترام هذه المشيئة الربانية والوقوف على حدود الأدب مع الله تعالى

الجانب الإنساني في القرآن 2

الجانب الإنساني في القرآن 2

وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴿31﴾ الرعد

تأملات في الآيات

وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ

لو أن الله بهذا القرآن العظيم سير الجبال من مكانها أو تم تقطيع الأرض لما آمن بعض الناس

الأمر لله في كل شيء, وهو القادر على كل شيء

أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ

على المؤمنين أن لا يتعبوا أنفسهم بهداية الناس ونقلهم للإيمان

جاء الخطاب بصيغة تقريع للمؤمنين: أفلم تيأسوا أيها المؤمنين من السعي لهداية الناس؟ ألم تعلموا وتتيقنوا بعد أن الله لو شاء لجعل الناس جميعا مؤمنين؟ وهو قادر على ذلك

إن بقاء بعض الناس أو الكثير منهم خارج دائرة الإيمان هي إرادة ربانية, وهو الذي أرادهم على أديان أخرى

وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ

ينبه الله غير المؤمنين به بقوارع ومصائب تصيبهم أو تصيب من حولهم حتى يتعظوا

الله هو الذي يحدد من يأتي لجانب الإيمان ومن يبقى خارج تلك الدائرة, والله وحده يرسل التنبيهات والتحذيرات لمن يشاء من خلقه

قضايا الإيمان هي قضية متعلقة بجناب الله تعالى وحده, وعلى المؤمنين أن لا يتدخلوا بهذه القضية ويهتموا بأنفسهم فقط

نتائج

بقاء بعض الناس أو الكثير خارج دائرة الإيمان بالله هي قضية متعلقة بجناب الله تعالى

الله هو الذي أراد بعض الناس على أديان أخرى, ولو شاء لجعل جميع الناس مؤمنين, لكن حكمته اقتضت عدم إيمان الجميع

على المؤمنين الاهتمام بأنفسهم فقط وترك إيمان الآخرين لله تعالى وحده

ينبه الله المؤمنين أن التنوع الديني على وجه هذه الأرض هو إرادة ومشيئة الله