قراءات القرآن 6

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)

سورة البقرة

قال الطبري

واختلفت القرأة في قراءة قوله:  وكتبه
فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض قرأة أهل العراق ( وكتبه ) على وجه جمع “ الكتاب „، على معنى: وجميع كتبه التي أنـزلها على أنبيائه ورسله

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ

وقرأ ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة: (وكتابه)، بمعنى: وبالقرآن الذي أنـزله على نبيه محمد

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُابِهِ

وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: “ وكتابه „، ويقول: الكتاب أكثر من الكتب

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُابِهِ

قال الطبري

إن الذي هو أعجب إلي من القراءة في ذلك أن يقرأ بلفظ الجمع.
لأن الذي قبله جمع، والذي بعده كذلك , أعني بذلك: “ وملائكته وكتبه ورسله “ – فإلحاق “ الكتب “ في الجمع لفظا به، أعجب إلي من توحيده وإخراجه في اللفظ به بلفظ الواحد

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ

.

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ۖ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

سورة سبأ

واختلفت القراء في قراءة ؛ عَالِمِ الْغَيْبِ

فقرأته عامة قراء المدينة , عَالِمُ الْغَيْبِ

وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة والبصرة، عَالِمِ الْغَيْبِ

وقرأ ذلك بقية عامة قراء الكوفة ,  عَلام الْغَيْبِ

قال الطبري

والصواب من القول في ذلك عندنا أن كلَّ هذه القراءات الثلاث قراءات مشهورات في قراء الأمصار متقاربات المعاني، فبأيتهن قرأ القارىء فمصيب

غير أن أعجب القراءات في ذلك إليَّ أن أقرأ بها ( عَلام الْغَيْبِ ) على القراءة التي ذكرتها عن عامة قراء أهل الكوفة، فأما اختيار علام على عالم فلأنها أبلغ في المدح

.

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

سورة الفرقان

واختلفت القرّاء في قراءة  وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ

فقرأه أبو جعفر القارئ وعبد الله بن كثير وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ

وقرأته عامة قرّاء الكوفيين وكذلك قرأه نافع :  نَحْشُرُهُمْ , بالنون, فنقول

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَنَقُولُ

قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب

واختلفت القرّاء في قراءة قوله:  مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار  نَتَّخِذَ  بفتح النون

مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

قرأ الحسن و يزيد بن القعقاع   أنَّ نُتَّخَذَ

مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ  نُتَّخَذَ  مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

قال أبو جعفر (الطبري) : وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بفتح النون

واختلفت القرّاء في قراءة قوله  فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ

والقراءة في ذلك عندنا (  فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ  ) بالتاء

وقد حُكي عن بعضهم أنه قرأه (  فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا يَقُولُونَ  ) بالياء

قراءات القرآن 5

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ

سورة التوبة

قال الطبري

واختلفت القرأة في قراءة قوله:  ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: ( مساجد الله ) ، على الجماع
وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين: (  ما كان للمشركين أن يعمروا  مَسْجِدَ الله ِ)، على التوحيد, بمعنى المسجد الحرام

.

وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا

سورة الإسراء

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا )
فقرأه بعض أهل المدينة ومكة، وهو نافع وابن كثير وعامة قرّاء العراق ( ونُخْرِجُ ) بالنون ( لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) بفتح الياء من يَلْقاه وتخفيف القاف منه، بمعنى: ونخرج له نحن يوم القيامة

وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا

وكان بعض قرّاء أهل الشام يوافق هؤلاء على قراءة قوله (ونُخْرِجُ) ويخالفهم في قوله (يَلْقاهُ) فيقرؤه ( ويُلَقَّاهُ ) بضم الياء وتشديد القاف، بمعنى: ونخرج له نحن يوم القيامة كتابا يلقاه

 وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا ويُلَقَّاهُ

وذُكر عن مجاهد أنه قرأها هكذا, وهي قراءة الحسن البصري وابن محيصن ( وَيخْرَجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا ) يعني يخرج الطائر كتابا، هكذا أحسبه قرأها بفتح الياء

وقرأ ذلك بعض أهل المدينة: ( ويُخرَجُ لَهُ ) بضم الياء

ويُخرَجُ  لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا

قال الطبري

وأولى القراءات في ذلك بالصواب، قراءة من قرأه ( ونُخْرِجُ ) بالنون وضمها ( لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) بفتح الياء وتخفيف القاف

.

 يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ

سورة الأنبياء

قال الطبري

واختلف القرّاء في قراءة, نَطْوِي

 فقرأته عامة قراء الأمصار ، سوى أبي جعفر القارئ(  يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) بالنون

وقرأ ذلك أبو جعفر ( يَوْم تُطْوَى السَّماءُ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ )  بالتاء وضمها

وأما الكتاب
فإن قرّاء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة قرءوه بالتوحيد، كطي السجل للكتاب
وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (  كطي السجل  للْكُتُبِ ) على الجماع

قال الطبري

وأولى القراءتين عندنا في ذلك بالصواب: قراءة من قرأه على التوحيد للكتاب , كطي السجل للكتاب

قراءات القرآن 4

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)

سورة النساء

قال الطبري

واختلفت القرأة في قراءة قوله:  فَتَبَيَّنُوا

فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين وبعضُ الكوفيين والبصريين: ( فَتَبَيَّنُوا ) بالياء والنون، من “ التبين “ بمعنى، التأني والنظر والكشف عنه حتى يتَّضح

وقرأ ذلك عُظْم قرأة الكوفيين: ( فَتَثَبَّتُوا )، بمعنى التثبُّت، الذي هو خلاف العَجَلة

قال أبو جعفر: والقولُ عندنا في ذلك أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة المسلمين بمعنى واحد، وإن اختلفت بهما الألفاظ. لأن “ المتثبت “ متبيّن، و “ المتبيِّن “ متثبِّت، فبأي القراءتين قرأ القارئ، فمصيبٌ صوابَ القراءة في ذلك

.

واختلفت القرأة في قراءة قوله:  ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام

فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين والكوفيين: ( السَّلَمَ ) بغير ألف، بمعنى الاستسلام.

وقرأ بعض الكوفيين والبصريين: ( السَّلامَ ) بألف، بمعنى التحية

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: ( لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ) ، بمعنى: من استسلم لكم، مذعنًا لله بالتوحيد، مقرًّا لكم بملَّتكم

.

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

سورة محمد

قرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بالنون ( نبلو ) و ( نعلم ) , ونبلو على وجه الخبر من الله جلّ جلاله عن نفسه
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

أما عاصم فإنه قرأ جميع ذلك بالياء
وَليَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ يَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ و يَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

قال الطبري: والنون هي القراءة عندنا لإجماع الحجة من القراء عليها, وإن كان للأخرى وجه صحيح

.

فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)

سورة محمد

اختلفت القرّاء في قراءة :  وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ

فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة ( وَالَّذِينَ قَاتَلُوا ) بمعنى: حاربوا المشركين

وكان الحسن البصري فيما ذُكر عنه يقرأه (  قُتِّلُوا ) بضم القاف وتشديد التاء, بمعنى: أنه قتلهم المشركون بعضهم بعد بعض

عن الجحدريّ عاصم أنه كان يقرأه ( وَالَّذِينَ قَتَلُوا ) بفتح القاف وتخفيف التاء, بمعنى: والذين قتلوا المشركون بالله

كان أبو عمرو يقرأه (  قُتِلُوا ) بضم القاف وتخفيف التاء بمعنى: والذين قتلهم المشركون

قال الطبري : وأولى القراءات بالصواب قراءة من قرأه (  وَالَّذِينَ قَاتَلُوا ) لاتفاق الحجة من القرّاء, وإن كان لجميعها وجوه مفهومة

قراءات القرآن 3

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

سورة الفرقان

قال الطبري

واختلفت القرّاء في قراءة : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ

فقرأه أبو جعفر القارئ وعبد الله بن كثير: ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ ) بالياء جميعا, بمعنى: ويوم يحشرهم ربك, ويحشر ما يعبدون من دونه فيقول

وقرأته عامة قرّاء الكوفيين ( نَحْشُرُهُمْ ) بالنون, ( فنقول ) وكذلك قرأه نافع :  وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَنَقُولُ

قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب

.

واختلفت القرّاء في قراءة: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار ( نَتَّخِذَ ) بفتح النون , مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

و قرأ الحسن ويزيد بن القعقاع : (أنَّ نُتَّخَذَ) بضم النون , مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ

قال أبو جعفر (الطبري) : وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بفتح النون

.

واختلفت القرّاء في قراءة: فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ

وقد حُكي عن بعضهم أنه قرأه ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا يَقُولُونَ ) بالياء, بمعنى: فقد كذبوكم بقولهم

قال الطبري: والقراءة في ذلك عندنا (  فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ  ) بالتاء على التأويل الذي ذكرناه, لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه

.

مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ

سورة الحجر

قال الطبري

اختلفت القرّاء في قراءة قوله : مَا نُنـزلُ الْمَلائِكَةَ

فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والبصرة ( مَا تَنـزلُ المَلائِكَةُ  ) بالتاء تَنـزلُ وفتحها ورفع الملائكة، بمعنى: ما تنـزل الملائكة، على أن الفعل للملائكة

وقرأ ذلك عامَّة قرّاء أهل الكوفة ( مَا نُنـزلُ الْمَلائِكَةَ ) بالنون في ننـزل وتشديد الزاي ونصب الملائكة، بمعنى: ما ننـزلها نحن

وقرأه بعض قراء أهل الكوفة ( مَا تُنـزلُ المَلائِكَةُ  ) برفع الملائكة والتاء في تنـزل وضمها، على وجه ما لم يسمّ فاعله

قال أبو جعفر (الطبري) : وكلّ هذه القراءات الثلاث متقاربات المعاني، وذلك أن الملائكة إذا نـزلها الله على رسول من رسله تنـزلت إليه، وإذا تنـزلت إليه ، فإنما تنـزل بإنـزال الله إياها إليه

 فبأي هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارئ فمصيب الصواب في ذلك

قراءات القرآن 2

ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

سورة البقرة

قال الطبري في تفسيره

وقد اختلف الْقَرَأَة في قراءة: ( تظاهرون )

فقرأها بعضهم: “  تظاهرون “ على مثال  تفاعلون

وقرأها آخرون: ( تظَّاهرون ), فشدد، بتأويل: (تتظاهرون)

وهاتان القراءتان، وإن اختلفت ألفاظهما، فإنهما متفقتا المعنى , فسواء بأي ذلك قرأ القارئ.

.

قال أبو جعفر: واختلف الْقَرَأَة  في قراءة قوله: (وإن يأتوكم أسارى تفدوهم).

فقرأه بعضهم:  أسرى تَفْدوهم

وبعضهم:  أُسارى تُفادوهم

وبعضهم  أُسارى تَفدوهم

وبعضهم:  أسرى تفادوهم

قال الطبري: وأولى بالصواب في ذلك قراءة من قرأ ( وإن يأتوكم أسرى )، لأن “ فعالى “ في جمع “ فعيل “ غير مستفيض في كلام العرب

.

قال أبو جعفر: اختلف الْقَرَأَة في قراءة : وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

فقرأه بعضهم:  وما الله بغافل عما يعملون

وقرأه آخرون:  وما الله بغافل عما تعملون

قال الطبري: وأعجب القراءتين إلي قراءة من قرأ بـ “ الياء „، وما الله بغافل عما يعملون

.

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

سورة الأحزاب

قال الطبري

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَقَرْنَ فِي بِيُوتِكُنَّ

فقرأته عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين: ( وَقَرْنَ ) بفتح القاف، بمعنى: واقررن في بيوتكن

وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة  وَقِرْنَ ,  بكسر القاف، بمعنى: كن أهل وقار وسكينة  في بيوتكن

قال أبو جعفر: وهذه القراءة وهي الكسر في القاف أولى عندنا بالصواب لأن ذلك إن كان من الوقار على ما اخترنا، فلا شك أن القراءة بكسر القاف

قراءات القرآن 1

قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ

آل عمران


قال الطبري

اختلفت القرأة في ذلك

فقرأه بعضهم: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ ) بالتاء، على وجه الخطاب للذين كفروا بأنهم سيغلبون

وقرأت ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة: ( سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ ) ,على معنى: قل لليهود: سيغلب مشركو العرب ويحشرون إلى جهنم

قال أبو جعفر (الطبري): والذي نختار من القراءة في ذلك، قراءةُ من قرأه بالتاء، بمعنى: قل يا محمد للذين كفروا من يهود بني إسرائيل الذين يتبعون ما تشابه من آي الكتاب الذي أنـزلته إليك ابتغاءَ الفتنة وابتغاءَ تأويله:  ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد

.

وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ۚ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ

سورة الأنفال

قال الطبري في تفسيره

اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأ ذلك عامة قرأة الحجاز والعراق: “  وَلا تحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ “ بكسر الألف من “ إنهم „، وبالتاء في “ تحسبن “ بمعنى: ولا تحسبن، يا محمد، الذين كفروا سبقونا ففاتونا بأنفسهم

وقرأ ذلك بعض قرأة المدينة والكوفة: ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا )، بالياء في “ يحسبن „, وكسر الألف من ( إِنَّهُمْ ) , وهي قراءة غير حميدة ، لمعنيين، أحدهما خروجها من قراءة القرأة وشذوذها عنها
والآخر: بعدها من فصيح كلام العرب

قال الطبري: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: ( لا تَحْسَبَنّ َ)، بالتاء (  الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ )، بكسر الألف من “ إنهم „، ( لا يُعْجِزُونَ )، بمعنى: ولا تحسبن أنت، يا محمد، الذين جحدوا حجج الله وكذبوا بها، سبقونا بأنفسهم ففاتونا, إنهم لا يعجزوننا أي: يفوتوننا بأنفسهم, ولا يقدرون على الهرب منا

الاستهزاء بالدين – إيذاء النبي محمد عليه الصلاة و السلام 2

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

سورة الأحزاب

تأملات في الآيات

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا

هناك أناس يؤذون الله , بنسبة الأشياء السيئة له أو بألفاظ سيئة , وهناك أناس يؤذون رسول الله , بالتعرض لشخصه الكريم أو التعرض لحرماته أو تصويره بطريقة غير جيدة , كما حصل مع بعض المجلات العالمية

بعض الأشخاص يسيؤون أيضا لله و لرسوله , و ذلك عن طريق عرض الإسلام بطريقة سيئة جدا , تجعل الآخرين ينفرون منه و يسبون الله و الرسول و النبي وهذا الدين , وهؤلاء الأشخاص هم كذلك من جملة المقصودين

من يعرض الإسلام بطريقة سيئة هم ممن يؤذون رسول الله , و من الأفضل للمسلم أن يبتعد عن هذا الطريق , وهو محاولة توصيل الإسلام أو تبليغه , وهو لا يعلم منه إلا القشور . فهؤلاء خطر على أنفسهم أولا , لأنهم يدخلون في زمرة الذين يؤذون الله و رسوله
وهؤلاء خطر على الجماعة المسلمة, فأن تعرف من الإسلام بعض الأشياء وتجهل الكثير و تحاول التصدر لقضية الدعوة , فهذا مطب عظيم يقع فيه الكثير من المسلمين و يؤذي أكثر مما يفيد

من الملاحظ أن الله جعل عقوبة إيذاء الله و رسوله اللعن في الدنيا و الآخرة و العذاب الشديد

لم يرتب الله على إيذاء الله و رسوله أي عقوبة دنيوية أو حكم شرعي

الأحاديث التي تتحدث عن قتل شاتم الرسول هي أحاديث باطلة لا أصل لها , لأنها تعارض هذه الآيات , ولو كان إيذاء النبي يخرج من الدين و يترتب عليه عقوبة لذكرها الله هنا و أمر نبيه أن يطبقها

الله وحده هو المختص بعقوبة الناس الذين يؤذون رسول الله

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

يتوعد الله الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات و يتهددهم , و أن ما يفعلونه من أذى هو بهتان و إثم , ومن يقترف البهتان و الإثم فلا مكان له بين الصالحين

هنا تهديد عام بعدم إيذاء أي شخص مؤمن , بغض النظر عن التزامه الديني , إن كان ملتزما أو غير ذلك

بعض الإخوة يرى في إيذاء بعض المؤمنات لعدم التزامهم بالحجاب أمرا طبيعيا , وهذا يدخل في الإيذاء المنهي عنه , فالمرأة التي لم تلبس الحجاب لم تخرج من الإيمان , بل هي مؤمنة و التعرض لها فيه خطر عظيم .

بعض الإخوة كذلك لا يرى بأسا في إيذاء السكارى أو المدمنين أو المذنبين أو تاركي الشعائر الدينية , وهؤلاء كلهم داخلون في مسمى الإيمان , و التعرض لهؤلاء و إيذائهم فيه خطر عظيم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

لاحظنا في الآيات السابقة أن هناك حملة ممنهجة ضمن مجتمع المدينة المنورة تضمنت

إيذاء الله و رسوله

إيذاء المؤمنين و المؤمنات

و يجب أن نعلم أن هذا الإيذاء كان يحصل بشكل واسع في زمن النبي , ولقد وردت هنا ثلاث آيات تتكلم بشكل واضح عن حملة إيذاء ممنهجة

في كل زمان و مكان يوجد أناس لا يقيمون أي وزن للشعائر الدينية , حتى في زمن النبي محمد و في دولته و مدينته , و التشدد الموجود في الفقه الإسلامي و في الأحاديث المنسوبة للنبي حيال قضية الإيذاء هو تشدد ليس من الإسلام بأي شكل من الأشكال

الإسلام لا يحجر على الناس طريقة اعتقادهم و تفكيرهم و حتى التعبير عن آرائهم , حتى إن كانت ضد الدين , وكان فيها إيذاء لله و لرسوله و للمؤمنين و للدين

الإسلام لا يجبر أحدا على احترام الدين أو احترام الله و الرسول و القرآن وكل ما يتعلق بشعائر الإسلام , وكل ماهو موجود في كتب الفقه و الأحاديث مما يخالف الحرية المطلقة هنا في التعبيرعن الرأي, يعتبر باطل لا أصل له و ليس له أي صلة بالإسلام

إجبار الناس على احترام شعائر الدين و إظهار الشعائر الدينية و إخفاء ما غيرها هو شيء لا أصل له في الإسلام , و الأحاديث التي تتكلم عن ضرورة تغيير المنكرات و وجوب صبغ المجتمع ظاهريا بصبغة إسلامية , هي أحاديث قطعا باطلة وتخالف الإسلام , ففي زمن النبي و في دولته و في مدينته , كان هناك مستهزئون علنا , ولم يعاقب الله أحدا منهم في الدنيا ولم يأمر بعقوبته

الاستهزاء بالدين -إيذاء النبي محمد عليه الصلاة والسلام 1

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)
سورة التوبة

تأملات في الآيات

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
بعض الناس يؤذون النبي و يسمونه بالبخل و التحيز و أنه شخص غير عادل

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ
البعض يصف النبي بأنه رجل لا رأي له ولا عقل , و يستمع لكل شخص يحدثه و يصدق قوله

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ
وهناك من يحادد الله و رسوله و يحاربهم و ينصب لهم العداوة

من الملاحظ وجود إساءة علنية للنبي أثناء قيامه بتوزيع الصدقات و اتهامه بأوصاف لا تليق به و بجلالة مقامه , و أن الأمر لم يكن سريا , بل كان أمرا علينا

من ملاحظة الآيات نلاحظ الأوامر التي أمر الله بها نبيه للتعامل مع هذه الحالة من الإساءة للنبي بشكل علني

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
ردا على الاساءة للنبي و اتهامه بالتحيز و البخل , نصح الله هؤلاء بأنهم لو رضوا بما قسمه الله على يد نبيه لكان خيرا لهم

قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ردا على اتهام النبي بأنه رجل لا رأي له و أنه يستمع لكل شخص و يصدقه , قال الله أن استماع النبي للناس فيه خير لهم , و أن هؤلاء المتهمين للنبي سيلقون عذابا أليما يوم القيامة

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ
من يحارب الله ورسوله علنا , و يسيء للنبي , فإن مصيره جهنم و العذاب الأليم يوم القيامة

من مراجعة الآيات نستطيع تلمس هوية هؤلاء المسيئين

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا
هؤلاء يتلقون الصدقات من النبي , فمن الواجب أن يكونوا من الناس المؤمنين بالنبي و دعوته

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ
لو أن هؤلاء رضوا بقسمة الله ونبيه لهم لكان خيرا لهم , أي بمعنى أنهم أساسا من المؤمنين بالنبي , و الله ينصحهم بموقف أفضل من موقفهم الذي اتخذوه

هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ
ورحمة للذين آمنوا منكم , أي من هؤلاء المسيئين للنبي , أي هو رحمة حتى للمسيئين

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ
هؤلاء يحلفون بالله , فهذا يعني كونهم مؤمنين , والله يوجههم لما هو أفضل لهم , وهو الرضى بما قسمه الله على يدي نبيه

في كل الآيات السابقة لم يصف الله هؤلاء المسيئين بالخروج من الدين و أن عليهم تجديد إيمانهم و دخولهم في الإسلام , لأنهم بإساءتهم للنبي قد خرجوا من الملة و الإسلام

في كل الآيات السابقة كان الله يخاطب هؤلاء و ينصحهم و يوجههم لما هو أفضل

حصر الله العقوبة لهؤلاء المسيئين للنبي بيده وحده , ويوم القيامة

لم يطلب الله من نبيه اتخاذ أي إجراء عقابي ضد هؤلاء المسيئين لشخص النبي

هذه الآيات تقرر بوضوح أن العقوبات التي تنص عليها الأحاديث النبوية من وجوب قاتل شاتم الرسول هي كلها أحاديث باطلة لا اصل لها , لأنها تخالف هذه الآيات بشكل واضح

ومن هذه الأحاديث

مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ ‏:‏ نَعَمْ رواه البخاري

عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : “ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا “ رواه أبوداود

حديث القينتين اللتين كانتا تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة بقتلهما ولم يعط لهما الأمان الذي أعطاه لباقي سكان مكة رغم أن من سكان مكة من كان أشد عداوة وحربا للإسلام .  مغازي الواقدي ، و سيرة ابن هشام

صرح الكثير من الفقهاء بردة شاتم الرسول و مؤذيه , وفي هذه الآيات لم يقل الله عن هؤلاء أو يصفهم بالردة أو الخروج من الملة , بل بالعكس , وصفهم بالإيمان  وأن عليهم فعل أشياء أفضل لدينهم و إيمانهم , وهذ الآيات تنقض هذه الأحكام

Ponyhütchen 

بالتعاون مع هذه الشركة وعملائها استطعنا القيام بهذه الحملة

في شباط فبراير 2022 طلبنا من الشركة أن تشارك معنا حملة ملاك مستحضرات التجميل

لقد نجحنا بذلك بمساعدة الشركة
تم تجميع 10 صناديق كبيرة و 4 صناديق صغيرة تحتوي على مواد النظافة ومستحضرات التجميل للنساء والأطفال معًا.في 2 آذار مارس 2022, أحضرنا هذه التبرعات إلى منشأة تابعة للمنظمات التالية في برلين

مبادرة بين الثقافات
الحماية والمشورة والعلاقات العامة
جمعية النساء المعتدى عليهن وعلى أطفالهن


في الصور يمكنكم أن تروا ما استطعنا جمعه
بالطبع لم يُسمح لنا بالتقاط الصور في ملجأ النساء فقط , لفترة وجيزة عند التفريغ عند المدخل
هذا أمر مفهوم بالنسبة لنا وبالتأكيد بالنسبة لكم أيضًا ، لأن هذا الملجا يوفر الحماية والأمان للنساء و الأطفال الذين يتعرضون للتهديد و العنف

القتال في القرآن 2

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿216﴾ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿217﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

سورة البقرة

تأملات في الآيات

من ملاحظة الآيات نجد ما يلي

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
صار من الواجب على المؤمنين أن يقاتلوا الكفار , مع كرههم لهذا القتال وعدم رغبتهم فيه , والله يخبر المؤمنين , بأن هذا القتال قد يكون فيه خير كثير لهم من حيث لا يعلمون

.

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ
يتساءل المؤمنون متحرجين من القتال في الأشهر الحرم داخل مكة , هل يحل القتال في مكة وعند بيت الله ؟ و يجيبهم الله بهذه الإجابات

 قُلْ

.

قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ
نعم إن القتال في الأشهر الحرام هو كبيرة من الكبائر

.

وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وفي هذا القتال صد عن سبيل الله

.

وَكُفْرٌ بِهِ
وفي هذا القتال كفر بالله

.

وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
و في هذا القتال إساءة للمسجد الحرام

.

وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ
لكن المؤمنين مضطرون لهذا القتال و مجبرون عليه , فقد قام هؤلاء الكفار بالتعدي على المؤمنين في مكة , وقد أخرجوا أهلها من المؤمنين خارجها , وهذا العمل الذي فعله الكفار , هو أكبر و أعظم جرما من القتال في مكة و عند الحرم

.

وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ
و يذكر الله المؤمنين , بأن الفتنة التي افتعلها الكفار في مكة هي اكبر و أعظم عند الله , فتشريد الآمنين من بيوتهم جريمة كبيرة

.

وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ
ويشرح الله لنا سبب القتال , وهو رغبة الكفار في عودة المؤمنين عن إيمانهم بدعوة الإسلام  و الإيمان بالقرآن كتابا , و إجبارهم على العودة إلى الأديان التي خرجوا منها
ومن هنا نستنتج السبب الرئيسي لهذه الفتنة العمياء في مكة , وهي رغبة الكفار في عودة المؤمنين إلى دينهم الأساسي , وبالتالي, فمن يجبر الآخرين على الدخول في دين معين هم الكفار , وليس المؤمنون

.

وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
يحذر الله المؤمنين من الانصياع للضغوط التي يمارسها هؤلاء الكفار عليهم , و اختلاق الفتن و المشاكل , وأن من يرتد عن دينه و يعد إلى دين آبائه , فستحبط كل أعماله في الدنيا و الآخرة
ومن الملاحظ هنا أن الآية لم تهدد المرتدين بأي عقاب دنيوي من قبل الجماعة المؤمنة التي يقودها النبي , بل اكتفت بالعقوبة من الله وحده فقط ولم يطلب الله من نبيه إقامة حد الردة على هؤلاء المرتدين

.

من التعليقات السابقة نستطيع استخلاص بعض النتائج

سبب القتال هو تعدي الكفار على المؤمنين , و إخراجهم من بيوتهم , ومحاولة إجبارهم على العودة إلى أديانهم التي خرجوا منها بالقوة

القتال الحاصل من قبل المؤمنين , هو ردة فعل على ما يفعله الكفار من تعدي على المؤمنين

سبب القتال من قبل المؤمنين هو سبب غير ديني , أي بمعنى آخر, لا يحاول المؤمنون فرض دينهم على الآخرين , بل هم ضحايا للعنف الديني من قبل الآخرين , ويحاولون فقط الدفاع عن أنفسهم , أما الآخرون فهم يحاولون إجبار المؤمنين على العودة إلى دينهم الأساسي بالقوة و القتال