الاستهزاء بالدين – الاستهزاء و السخرية من القرآن 1

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿138﴾ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴿139﴾ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا

سورة النساء

تأملات في الآيات

بداية لا بد من الإشارة إلى أن سورة النساء هي سورة مدنية , أي نزلت في المدينة بعد أن أسس النبي دولة , وكان لديه جيش و قوة قادرة على تغيير أي منكر في المدينة المنورة التي يعيش فيها النبي و صحابته الكرام

ومن المؤكد أن الصحابة الكرام كانوا يعيشون في المدينة المنورة و يرون ما يحدث فيها , ونحن في هذه الآيات سنحاول معرفة كيف كانت الحياة في هذه الفترة المباركة في مدينة رسول الله

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

هناك منافقون يعيشون في المدينة المنورة , بجانب النبي و صحابته الكرام , وهؤلاء لهم أفعال شنيعة , تؤذي النبي و صحابته و الدعوة المباركة

ولذلك فالله يبشرهم بعذاب أليم يوم القيامة

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا

مع وجود النبي والمؤمنين و دولته القوية , يبحث هؤلاء المنافقون عن العزة و القوة و السند و الدعم , فلذلك يلجؤون للكفار كي يجدوا عندهم العزة و القوة

لا يعجب المنافقون كل ما حدث و يحدث في المدينة , و ذهابهم للكفار و التماسهم العزة عندهم ليس سرا , بل شيء علني لا يخفيه هؤلاء المنافقون

يذكر الله هؤلاء أن العزة و القوة لله جميعا , و أن العزة و القوة الموجودة عند الكفار هي وهمية و ستزول قريبا

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا

أحد أفعال المنافقين أنهم يجلسون مع الكفار , وخلال المجلس يتم الاستهزاء بآيات الله و القرآن

لابد من التذكير أن المنافقين يعيشون في المدينة و يجلسون مع الكفار , وهذا يؤكد وجود كفار حقيقيين في المدينة , ومن غير المعقول أن يذهب المنافقون إلى مكة للجلوس مع كفار قريش , الذين يستهزئون بالقرآن

يتحدث الكفار في مجالسهم علانية و يستهزئون بالقرآن دون خوف أو عقاب , و يجالسهم المنافقون كذلك دون خوف من عقاب دنيوي

لم يطلب الله من نبيه منع الاستهزاء بالقرآن , بل طلب من المنافقين أن لا يجلسوا مع الكفار فقط عندما يستهزئون بالقرآن

لم يرتب الله على الاستهزاء بالقرآن أي عقوبة دنيوية , بل توعد الكفار و المنافقين بالعذاب الشديد يوم القيامة

كان الكفار و المنافقون يعيشون في مدينة رسول الله و بين صحابته بكل حرية , و يمارسون كفرهم و استهزاءهم بالدين دون خوف من عقاب دنيوي يقع بهم

لم يأمر الله الصحابة الكرام بتغيير هذا المنكر الموجود في المدينة المنورة , و بالتالي : فالأحاديث التي تتحدث عن تغيير المنكر باليد أو القول أو القلب هي أحاديث باطلة لأنها تتعارض مع هذه الآيات , ولو كان تغيير المنكر واجبا لأمر الله بتغييره في هذه الآيات

لم يأمر الله نبيه و المؤمنين بتغيير هذا المنكر , بل أمر فقط باعتزال هذه المجالس التي يجري فيها الاستهزاء بالقرآن