طريقك لفهم القرآن 1

كيف نفهم و نتعامل مع القصص في القرآن الكريم

قصة آدم

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ

سورة البقرة

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ

سورة الأعراف

قصة نوح

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ

سورة العنكبوت

وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ

سورة هود

حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ

سورة النمل

هذه نماذج عن القصص في القرآن , والقرآن مليء بأمثال هذه القصص

كيف نتعامل مع هذه الآيات ؟ و كيف نستفيد منها

هل القرآن كتاب تاريخي نستمد منه التاريخ و الأحداث كيف حدثت بدقة

نضرب هنا هذا المثال

قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)  سورة الشعراء

قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)  سورة الأعراف

قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ (63) سورة طه

في سورة الشعراء ذكر الله أن القائل هو فرعون, يصف فيها فعل موسى

في سورة الأعراف ذكر الله أن القائل هم حاشية فرعون , يصفون فعل موسى

في سورة طه ذكر الله أن المتكلمين هم حاشية فرعون يصفون فعل هارون و موسى , مع العلم أن موسى لوحده هو من قدم المعجزات أمام فرعون

ومن المؤكد أن الله هنا لا يسرد لنا قصة حادثة تاريخية بدقة , بل يضرب لنا مثالا عن قصص الدعوة إلى الله و طرق الدعوة و الصبر عليها , ومن غير الضروري أن تكون هذه القصة حقيقة أو أن أحداثها قد حدثت فعلا

و إن كانت هذه الحادثة قد حدثت , فيجب أن تحدث مرة واحدة و بطريقة واحدة , ولا يمكننا القول أن الله نسي أو لم يعلم كيف حدثت القصة بالضبط , وهنا نكون قد نسبنا إلى الله الجهل و النسيان

فبالتالي : فهذه القصة بكل تفصيلاتها لا يمكن التعامل معها على أنها حدث تاريخي , ومعاملتها معاملة التاريخ , بل هي قصة بكل محتوياتها , يريد الله بها  العظة , و قد ترد في سياقات مختلفة عن بعضها , ولا يهم الترتيب أو كيف حدثت الأحداث بالضبط , بل المهم هو كيف نتعلم من هذه القصص عظات و عبر

نضرب هنا مثالا آخر

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ

سورة المائدة

من المعلوم أن قوم موسى خرجوا من مصر مشردين ملاحقين من قبل فرعون , وكانوا هنا في صحراء سيناء ولم يدخلوا الأرض المقدسة بعد , ولم يبنوا دولة ولم يكن فيهم ملوكا ولا أنبياء , وكل الملوك و الأنبياء جاؤوا بعد موت موسى بعشرات السنين

والآية جاءت بلفظ : جعلكم ملوكا و جعل فيكم أنبياء , ولم يقل موسى: سيجعل فيكم أنبياء و ملوكا , ومن المستحيل أن يكون موسى قد قال هذا القول , لكن القرآن نقل هذا القول مع أن موسى لم يقله , لأن غاية القرآن ليس توثيق الأقوال و تسجيل الحوادث التاريخية كيف حدثت , بل غايته تهذيب الناس و تعليمهم على الصبر و تحمل الأذى وبذل الجهد في سبيل الله , ومن غير المقبول أن نقول أن القرآن فيه أخطاء أو أن الله قد أخطأ في نقل قول موسى ولم يعلم من قائل هذا الكلام

ونستطيع هنا أن نورد عشرات الأمثلة حول هذه الفكرة لكننا اكتفينا بمثالين لتوضيح هذه الفكرة , وهي ان القرآن ليس بكتاب تأريخي , ولا يؤرخ الأحداث كيف حدثت , ولا يعنيه هذا الموضوع, بل يعنيه هو تهذيب الناس و نقلهم إلى حالة نفسية افضل عن طريق القصص القرآني

هل نأخذ من القصص القرآني أحكام تشريعية

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ

سورة البقرة

أمر الله هنا بني إسرائيل ان يذبحوا بقرة , فهل يجب على المسلم أن يذبح بقرة
الجواب : قطعا لا

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) سورة يوسف

أمر يوسف إخوته بدخول مصر , فهل يجب على المسلم دخول مصر
الجواب: قطعا لا

وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37) سورة هود

أمر الله نبيه نوحا ان يصنع سفينة , فهل يجب على المسلم أن يصنع سفينة

الجواب: قطعا لا

و الجواب على كل هذه الحالات , أن الأحكام الشرعية لا تؤخذ نهائيا من القصص القرآني , ومن يستنتج الأحكام من القصص القرآني فهو جاهل بالقرآن , و يحمل القرآن معاني لم يقصدها

في المجمل : غاية الله من إيراد القصص في القرآن هو تهذيب الناس و ضرب المثل لهم , و تدريبهم و تعليمهم و تهذيبهم , ولا يقصد الله بهذا القصص سرد الأحداث كما حدثت أو يريد فرض أحكام شرعية عن طريق القصص